تَقَوَّلَ) (١).
قَالَ أَبو الفتح : (كَذِباً) في هذه القراءة منصوب على المصدر من غير حذف موصوف معه ، وذلك أَنَّ (تَقَوَّلَ) في معنى تَكَذَّبَ فجرى مجرى تَبَسَّمْتُ وميضَ البرقِ ، أَيْ : أَنَّهُ منصوب بِفعل مضمر ودَلَّتْ عليهِ تبسمتُ ، أَيْ : أَومضتُ (٢).
فَعَلَى هَذَا كَأَ نَّهُ قَالَ : أَنْ لَنْ يَكْذِبَ الإنسُ والجنُّ عَلَى الله كَذِباً.
ومن (٣) رأي أنْ يَنْصِبَ (وميضَ البرقِ) بنفس تَبسمتُ (٤) لأ نّه بمعنى أومضتُ نَصَبَ أيضاً (كَذِبا) بنفس تَقَوَّلَ لأَ نَّهُ بمعنى كَذِبَ.
وأَمَّا مَنْ قَرَأَ : (أنْ لَنْ تَقُولَ) بِوزْنِ تَقُوم فَإنَّهُ وصْفُ مصدر محذوف أيْ : أَنْ لَنْ تَقُولَ الإِنسُ والجِنُّ على اللهِ قولاً كَذِباً ، فَكَذِباً هُنَا وصفٌ لا مصدرٌ ، كقولِهِ تعالى : (وَجَآءُوا عَلَى قَمِيصِـهِ بِـدَم كَذِب) (٥).
أيْ : كَاذب فَإنْ جعلتَهُ هُنَا مَصْدَراً نصبتَهُ نَصْبَ المَفعولِ بِهِ (٦) ، أيْ : لَنْ تقولَ كَذِباً كَقَولِك قُلتَ حَقاً ، وقلتَ باطلاً ، وقلتَ شعراً ، وقلتَ سَجْعاً
__________________
(١) من قوله تعالى من سورة الجن : ٧٢ / ٥ : (وَأَ نَّا ظَنَنَّا أَن لَّن تَقُولَ الاِْنسُ وَالْجِـنُّ عَلَى اللهِ كَذِباً).
(٢) تنظر : ص : ٣٧٦.
(٣) من هنا إلى آخر القراءة التالية ، نقله الطبرسي عن ابن جِنِّي في مجمع البيان : ٢٩ / ٧٨ ـ ٧٩.
(٤) وهذا قولُ أبي عثمان المازني ، وقد تقدّم في : ص : ٣٧٦.
(٥) سورة يوسف : ١٢ / ١٨.
(٦) وفي البحر المحيط : ٨ / ٣٤٨ : «وانتصبَ كذباً في قراءة الجمهور بِتَقُول لأنّ الكَذِبَ نوعٌ منَ القَولِ أو على أنَّهُ صِفَةٌ لمصدر مَحْذُوف ، أي : قولاً كَذِباً ، أي : مَكْذُوباً فيه».