قَالَ أَبو الفَتْحِ : ارتفاعُ هذا على الظاهرِ الّذي لا نظر فيه (١) وإنَّمَا الكلام في المقيمين بالياء ، واختلاف الناسِ فيه معروف (٢) ، فَلاَ وجه للتشاغلِ بإِعادَتِهِ ، لَكن رَفعَهُ في هذهِ القراءةِ يمنعُ من توَهُّمِهِ معَ الياءِ مجروراً ، أي : يؤمنونُ بِمَا أُنزِلَ إليكَ وَبِالْمُقِيْمِيْنَ الصَّلاةَ. وهَذَا واضِحٌ (٣).
وقَرَأَ عُثمانُ وأُبَي بنُ كعب وعائشة وسَعِيد بن جُبَير والجَحْدَري : (والصابِيين) (٤) بياء.
قَالَ أَبو الفتح : الخَطْبُ أَيسرُ من الصابِيونَ بالرفعِ ، لأَنَّ النَّصْبَ عَلَى ظاهرهِ وإنَّما الرفعُ يحَتَاجُ إلى أَنْ يُقَالَ : إنّه مقدّمٌ فِي اللفظ موخّرٌ في المَعْنَى
__________________
(١) ارتفاعه بالعطف على المرفوع.
(٢) قالوا في إعراب المقيمين : فيه وجهان : النصبُ والجرُّ فالنصبُ على المدح بتقدير أعني وأمدح كقول الخِرْنِق ، امرأَة من العرب :
لاَ يَبْعُدَنْ قَومي الَّذِينَ هُـمُ |
|
سَـمَّ العُـدَاةِ وآفـةُ الجُــزْرِ |
النازلينَ بِكُلِّ معُتَرَك |
|
والطيبـونَ مَعَاقِـدَ الأُزْرِ |
فَنَصَبَ النازَليَنَ عَلَى المَدْحِ.
وأما الجرّ فيجوز من ثلاثة أوجه :
(أ) أَنْ يكونَ معطوفاً عَلَى مَا ، بتقدير يؤمنون بِمَا أُنزِلَ إليك وبالمقيمين الصلاةَ مِنَ الأَنبياءِ.
(ب) أنْ يكونَ معطوفاً على الكاف في إليك وتقديرُهُ بما أُنزلَ إِليك وإِلى المُقيمينَ.
(ج) أنْ يكونَ معطوفاً على الكافِ في قبلك وتقديرُهُ من قبلِكَ وقبلِ المقيمينَ الصلاةَ ، والعطف على الكاف في الوجهين الأَخيرين لا يجوز عند البصريين وأجازَهُ الكوفيون.
البيان في غريب إعراب القرآن : ١ / ٢٧٥ ـ ٢٧٦.
(٣) المحتسب : ١ / ٢٠٣ ـ ٢٠٤.
(٤) من قوله تعالى من سورة المائدة : ٥ / ٦٩ : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ).