مَعَنَى الجوابِ (١).
قَالَ : لاَِ نَّهُمْ لَمْ يَتَمَنّوا إلاّ يكذبوا ، وإنَّمَا تمنَّوا الردَّ وضمِنُوا أنَّهُم إنْ رُدُّوا لِمْ يَكْذِبُوا (٢) ، وعَليهِ جَاءَ قَولُه تعالى : (وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ) (٣). وعَلَيهِ قَولُ الآخر :
__________________
أبي النجود (ولا نُكَذِّبَ ونكُونَ) بنصب الفعلين على إِضمار (أَنْ) بعد (واو) المعية في جواب التمنّي ، عند جمهور البصريين ، والمصدرُ المُنْسَبِكُ من (أنْ) والفعل بعدها مرفوعٌ معطوفٌ بالواو على مصدر مُتَوَهَّم من الجملة السابقة ، التقدير (يا ليتَ يكون لنا رَدٌّ ، وانتفاءُ تكذيب وكونٌ مِنَ المؤمنين) ، أَي يا ليت لنا ردٌّ مع هذين الأمرين ، ووافقهم على هذه القراءة سليمان بن مهران الأعمشُ ، وقرأ (وَلا نُكَذِّبُ ونكُونُ) ، برفعهما ، عبدُ اللهِ بنِ كثير وأبو عمرو بنِ العَلاء ونافع بن أبي نُعَيم المدني وعلي بن حمزة الكسائي من السبعة ، وتابعهم من القراء الأربعةَ عَشَرَ أبو جعفر يزيد بن القعقاع ويعقوب بن إسحاق الحضرمي وخلف بن هشام البزار ومحمد بن عبد الرحمن بن محيصن ويحيى بن المبارك البزي والحسن البصري ، والرفع عطفٌ على (نُرَدُّ) أي يا ليتنا نُرَدُّ ونوفَّقُ للتصديقِ والإيمانِ ، أو (الواو) للحالِ والفعلُ المضارعُ وفاعِلُهُ خبرٌ لمحذوف والجملةُ حالٌ من مرفوعِ (نُرَدُّ) ، أَي نُرَدُّ غيرَ مُكذِّبِين وكائنين مِنَ المؤمنين ، فيكونُ تمنّي الرَّدِّ مُقيَّداً بهذين الحالين ، بينما أبو الحسن الأخفش يرى لاَِ نَّهُمْ لَمْ يَتَمَنوا إلاّ يكذبوا ، وإنَّمَا تمنَّوا الردَّ ولو رُدّوا لم يكذِّبُوا. الكشف عن وجوه القراءات السبع : ١ / ٤٢٧ ، ومجمع البيان : ٣٨ / ٧ ، وإتحاف فضلاء البشر : ٢٠٦ ، نشر دار الندوة.
انظر : الكشف عن وجوه القراءات السبع : ١ / ٤٢٧ ومجمع البيان : ٧ / ٣٨.
(١) قال في التنبيه : ٤٥٧ هو في اللفظ معطوف ، وفي المعنى جواب.
(٢) عبارة أبي الحسن الأَخفش : (إنْ شئتَ رفعتَ وجَعَلْتَهُ على مثل اليمين كَأَ نَّهُمْ قالوا لا نُكَذَّبُ والله بآياتِ رَبِّنا ونكون والله من المؤمنين هذا إذا كان ذا الوجه منقطعاً من الأَوّلِ والرَّفعِ وجهُ الكلام وبه نقرأ الآية ، إذا نصبَ جَعَلَها واوَ عطف فَكأ نَّهم قد تَمَنَّوا ألاَّ يكذِّبُوا وأَنْ يكونُوا وهذا ـ والله أعلم ـ لا يكونُ لاَِ نّهُم لم يتمنَّوا الإيمانَ إنّمَا تمنَّوا الردَّ وأخبروا أنَّهُم لا يُكَذِّبُون ويكونون من المؤمنين). معاني القرآن للأخفش : ١٠٧ / ب.
(٣) سورة الأَنعام : ٦ / ٢٨.