وقَرأَ عبدُ الله بنُ الزُّبَير وأَبانُ بنُ عُثَمانَ : (والظَّالِمُونَ أَعَدَّ) (١) بالواو.
قَالَ أَبو الفتحِ : هَذَا عَلَى ارتِجَالِ جملة مستأنَفَة ، كَأَ نَّهُ قَالَ : الظَّالِمُونَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً ، ثُمَّ إنَّهُ عَطَفَ الجُمْلَةَ عَلَى مَا قَبْلَها. وقَد سَبَقَ الرفْعُ إلى مبتدئها غير أَنَّ الّذي عليه الجماعة أَسبق وهو النصبُ ، ألاَ تَرَى أَنَّ مَعْنَاهُ يَدخِل مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ ويُعَذَّبُ الظَّالِمينَ؟ فَلَمَّا أَضْمَرَ هَذَا الفعل فَسَّرَهُ بِقَولِهِ : (أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً) وهَذَا أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُؤتى له بشاهد (٢).
وقَرَأَ الحَسن وعَمرو بنُ عبيد : (والجِبَالُ أَرْسَاها) (٣) بالرَّفِع.
قَالَ أَبو الفتح : هَذَا كَقِراءةِ عبدِ الله بن الزبير وأبان بن عثمان : (والظَّالِمُونَ أَعدَّ لَهُم عَذَاباً أَلِيماً) (٤) وقد ذكرناه (٥) هناك (٦).
وقَرَأَ طلحة بنُ سليمانَ : (ثُمَّ يُدْرِكُهُ المَوتُ) (٧) برفعِ الكاف.
قال أَبو الفتح : ظاهِرُ هذا الأمر أَنَّ (يُدْرِكُهُ) رُفِعَ على أَنَّهُ خَبرُ ابتداء محذوف ، أَيْ : ثُمَّ هو يُدْرِكُهُ الموتُ فَعَطَفَ الجُمْلَةَ التي هي من المبتدأِ والخبر على الفعلِ المجزومِ بفاعلهِ فهما إذاً جملة ، فكأَ نَّهُ عَطَف جملةٌ عَلَى
__________________
(١) من قوله تعالى من سورة الإنسان : ٧٦ / ٣١ : (يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً).
(٢) المحتسب : ٢ / ٣٤٤.
(٣) سورة النَّازعات : ٧٩ / ٣٢ : (والجِبَالَ أَرْسَاهَا) بالنصب.
(٤) من قوله تعالى من سورة الإنسان : ٧٦ / ٣١ : (وَالظَّالِمِينَ أَعدَّ لَهُم عَذَاباً أَلِيماً).
(٥) المحتسب : ٢ / ٣٤٤.
(٦) المحتسب : ٢ / ٣٥٠.
(٧) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ١٠٠ : (وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلى اللهِ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً).