جملة.
وجَازَ العطفُ هَاهُنا أَيضاً لِمَا بينَ الشرطِ والابتداءِ مِنَ المشابهات ، فمنها أَنَّ حرفَ الشرطِ يجزمُ الفعلَ ، ثُمَّ يعتورُ الفِعْلُ المجزومُ معَ الحرفِ الجَازِمِ على جزمِ الجوابِ ، كما أَنَّ الابتداءَ يرفعُ الاسمَ المبتدأَ ، ثُمَّ يعتورُ الابتداءُ والمبتدأُ جَمِيعاً عَلَى رَفْعِ الخبرِ (١) ، ولِذَلِك قال يُونُس في قولِ الأعشَى :
إنْ تَرْكَبُوا فَركُوبُ الخيلِ عَادَتَنا |
|
أو تَنْزِلُونَ فَإِنَّا مَعْشَرٌ نُزُلُ (٢) |
إنَّما أرادَ أَو أَنْتَمْ تَنزلونَ (٣) ، أفلا تَرَاهُ كَيْفَ عَطَفَ المبتدأ والخَبَرَ عَلَى فِعْلِ الشَّرْطِ الَّذي هو تَرْكَبُوا وعَليِهِ قَولُ الآخر :
إن تَذْنِبُوا ثُمَّ تَأتِينِي بَقِيَّتُكُم |
|
فَمَا عَلَيَّ بذنب مِنْكُمُ فَوتُ (٤) |
فَكَأَ نَّهُ قَالَ : إِنْ تَذْنِبُوا ثُمّ أنْتُمْ تَأْتِيني بَقَيتُكُم. هَذَا أَوجَهُ مِنْ أَنْ يَحْمِلَهُ عَلَى أَنَّهُ جَعَلَ سكونَ الياءِ فِي تَأتِيني عَلَمَ الجزمِ عَلَى إجراءِ المعتلِّ مَجرَى الصحيحِ نَحْو قَولِهِ :
__________________
(١) هذا رأي البصريين ، وذهب الكوفيون إلى أنَّ المبتدأَ رفعَ الخبرَ والخبرُ رفعَ المبتدأَ. انظر : المقتضب : ٢ / ٤٩ و ٤ / ١٢ و ١٢٦ والأصول في النحو : ١ / ٦٣ والإنصاف : ١ / ٣٠ والهمع : ١ / ٩٤.
(٢) يروى :
قالوا الرُّكُوبُ فقلنا تلك عادتُنَا |
|
...... |
ونُزُل جمعُ نازل. وكانوا ينزلونَ عن الخيلِ عندَ ضيقِ المعركةِ فيقاتلون على أقدامِهِم.
انظر : الديوان : ٤٨ والكتاب : ١ / ٤٢٩ والخزانة ـ بولاق ـ ٣ / ٦١٢.
(٣) رأي الخليل أنّ الكلام على قولك يكون كذا أو يكون كذا ...... وأما يُونُس فقال أرفعه على الابتداء كأنّه قال : أو أنتم نازلون. الكتاب : ١ / ٩.
(٤) يروى (نَعَيّكُمُ) مكان (بقيّتكم) و (يأتيني) مكان (تأتيني).
اُنظر : لسان العرب : ١٨ / ٨٧ والبحر المحيط : ٣ / ٣٣٦.