والشذوذِ (١) أَو الضعفِ (٢) والرداءة (٣) ونسبوا القراء إلى التوهّم والغلط (٤) على أَنَّ نقدَ النحاةِ للقراءات إنَّما هوَ نقد للروايةِ وليسَ نقداً للقراءةِ بعدَ صحَّةِ سندِهَا ، فالتخطئة موجّهةٌ إلى القارئ كأَنْ تكونَ فيه غفلةٌ أَو سهو ، وفرق بين القراءة والعربية. وربما كانتِ القراءة الشاذة عندَ بعضِ النحاةِ أقوى منزلةً مِن غير الشاذةِ. يقولُ سيبويه : «وقد قرأ أُناس (والسَّارِقَ والسَّارِقَةَ) (٥) و (الزَّانِيَةَ والزَّانِيَ) (٦) وهو في العربيةِ على ما ذكرتُ لَك مِنَ القوّة (٧) ولَكِنْ أَبتِ العامّةُ إلاَّ القراءةَ بالرفعِ. وإنَّما كَانَ الوجهُ في الأمرِ والنهي النصب لأنَّ حدَّ الكلامِ تقديمُ الفعل وهو فيه أوجب» (٨).
ولكنَّ الكوفيينَ ـ إلاَّ مَنْ خالفَ منهم ـ قبلوا القراءات كلَّها ـ شاذَّةً أَو
__________________
(١) البحر المحيط : ٥ / ٤١٩ والإنصاف : ٣٨٢ مسألة ١٠٢ والقراءات القرآنية بين المستشرقين والنحاة : ٤٠.
(٢) كتاب سيبويه تحقيق عبد السلام هارون : ٢ / ٣٩٦ ـ ٣٩٧ و ٣ / ٤٠ والمحتسب : ١ / ٣٢٥ و ٢ / ٣٧١.
(٣) معاني القرآن للأخفش : ١٣٠ / ب ومنهج الأخفش الأوسط : ١٨٥.
(٤) معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٧٦ وتأويل مشكل القرآن : ٥٩ والبيان والتبيين : ٢ / ٢١٩ والبحر المحيط : ٧ / ٤٦.
(٥) من قوله تعالى من سورة المائدة : ٥ / ٣٨ : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ) والنصب قراءة عيسى ابن عُمر وابن أبي عبلة. اُنظر : مختصر في شواذ القرآن : ٣٢ والبحر المحيط : ٣ / ٤٦٧ وعيسى ابن عُمر الثقفي : ١١١.
(٦) من قوله تعالى من سورة النور : ٢٤ / ٢ : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي) والنصب قراءة عيسى بن عُمر ويحيى بن يَعمَر وعَمرو بن فائد وأبي جعفر وشيبة وأبي السَّمَّال ورويس. المحتسب : ٢ / ١٠٠ والبحر المحيط : ٦ / ٤٢٧ وعيسى بن عُمر الثقفي : ١٤٢.
(٧) يعترض الفخر الرازي على رأي سيبويه ، ويردُّ عليه أبو حيان ولا مجال للتفصيل هنا.
انظر : البحر المحيط : ٣ / ٤٧٦ وما بعدها.
(٨) الكتاب : ١ / ٧٢.