ذَهَبَ إلى التَّنْكِيرِ ، أَيْ : بُعْداً بعداً.
ومَنْ لَمْ يَنُوَّنْ ذَهَبَ إِلى التعريف ، أَرَادَ : البُعْدَ البُعْدَ.
وَمَنْ فَتَحَ وَقَفَ بالهاءِ لاَِ نَّهَا كهاءِ أَرْطَاة وَسِعْلاَة وَمَنْ كَسَرَ كَتَبَها بالتاءِ لاَِ نَّها جَمَاعةٌ ، والكَسْرُ فِي الجماعة بمنزلة الفتحة في الواحد كما أَنَّ سقوط النون من ضَرَبَا بمنزلةِ الفَتْحَةِ فِي ضرب طرداً عَلَى سقوطِ النُّونِ فِي لَنْ يَضْرِبَا بمنزلةِ الفتحةِ فِي أَنْ يَضْرِبَ. فَلَفْظُ البِنَاءِ في هذا كَلَفْظِ الإعراب.
ومَن قَالَ : هيْهاةٌ هيْهاةٌ فَإِنَّهُ يَكْتُـبُهَا بِالهَاء (١) لاَِنَّ أَكْثَرَ القِرَاءةِ (هَيْهَاةَ) بالفَتْحِ ، والفَتْحُ يَدُلُّ عَلَى الإفراد والإفراد بالهاءِ كَهَاءِ أَرْطَاة وعَلقَاةِ ، غَيرَ أَنَّ مَنْ رَفَعَ فَقَالَ (هَيْهَاةٌ) فَإنَّهُ يَحْتَمِلُ أَمْرَينِ : أَحَدُهُما : أَنْ يَكونَ أَخْلَصَهَا اسماً مُعْرَباً فِيهِ مَعْنَى البُعْدِ ولَمْ يَجْعَلْهُ اسماً للفِعْلِ فَيبنيهِ كَمَا بَنَى الناسُ غَيْرَهُ ، وقَولُهُ : (لِمَا تُوعَدُونَ) خَبَرٌ عَنْهُ ، كَأَ نَّهُ قَالَ : البُعْدُ لِوعْدِكُمْ ، كَمَا يَقُولُ القَائِلُ : الخُلْفُ لِمَوعِدِكَ ، والضَّلاَلُ لاِِرشَادِكَ ، والخَيبَةُ لانتجاعِكَ.
والآخر : أَنْ تَكُونَ مبنيّةً عَلَى الضَّمِّ ، كَمَا بُنِيَتْ نَحْنُ عَلَيهِ ، وكَمَا بُنيتْ حَوبُ (٢) عَلَيهِ فِي الزَّجْرِ ، ثُمَّ اعتَقَد فِيهِ التَنْكِير ، فلحقه التنوين عَلَى مَا مَضَى.
ونَحْوٌ مِنْ ذَلِكَ مَا حُكِي عَنْ بَعضِهِم مِنْ ضمّةِ نونِ التثنية في الزَّيْدَانُ والعُمْرَانُ (٣).
__________________
(١) مذهب أَبي عليّ أَنَّها تُكتَبُ بالتَّاءِ. انظر : شرح الأِشموني : ٣ / ١٩٩.
(٢) الحَوْبُ : الجَمَلُ. ثمّ كَثُرَ حَتَّى صارَ زجراً له.
(٣) وهو من الشُّذُوذ بحيثُ لا يقاسُ عليه. وقال الشَّيْبَانِي : ضَمُّ النُّونِ في التثنية لغةٌ ، قال أبو حيَّانَ : يعني مع الأَلف لا مع الياء لأ نَّها شُبِّهَتْ بألفِ غضبانَ وعُثمَانَ وأنشدَ المطرزي