وأَمَّا (هَيْهَاتْ هَيْهَاتْ) ، سَاكِنَةً بالتاءِ فينبغي أَنْ يَكونَ جَمَاعةً ، وتكتب بالتاءِ ، وذَلِكَ أَنَّهَا لَو كَانَتْ هاءً كهاءِ عَلْقَاة وسُـمَـانَاة (١) للزمَ في الوقفِ عَلَيْهَا أَنْ يلفظ بالهاءِ كَمَا يوقف مع الفتح ، فيقال : هَيْهَاه هَيْهَاه ، فَبقاءُ التَّاءِ فِي الوقْفِ مَعَ السُّكُونِ دَليلٌ عَلَى أَنَّهَا تَاءٌ ، وإِذَا كَانَتْ تاءً فهيَ للجَمَاعَةِ ، وهْو أَمْثَل مِنْ أَنْ يعتقد فيها أَنَّهَا أُجْرِيَتْ فِي الوقْفِ مجراها في الوصلِ مَعَ كَونِهَا تاءً ، كَقْولِنَا : عَلَيهِ السلام والرحمت ، وقوله :
بَلْ جَوزِ تَيْهَاءَ كَظَهْرِ الحَجَفَتْ (٢)
لقلّةِ هَذَا وكثرةِ الأول ، وكَذَلِكَ يَقِفُ الكِسَائِي عَلَيْهَا (٣) وهْو عِنْدِي حَسَنٌ لِمَا ذَكَرْتُهُ. وعُذْرُ مَنْ وقَفَ بالتَّاءِ كونُهَا فِي أَكْثرِ الأمْرِ مُصَاحِبةَ لِلأُخرى مِنْ بَعْدِها ، ولأَ نَّهَا أَيضاً تشبه الفعلَ ، والفعلُ أَبداً متطاولٌ إِلَى الفاعِل ، وهَذَا طريقُ الوصلِ ، ولاَِنَّ الضَّميرَ فيها لَمْ يُوكدْ قَط فَأشبهتِ الفعلَ الَّذي لاَ ضَميرَ فيهِ ، فَكَانَ ذَلِكَ أَدْعَى فِي اللَّفظِ إلَى إدْرَاجها بالتوقِع لَهُ.
__________________
في اليواقيت :
يا أَبَتَا أَرَّقَنِي القِــدَانُ |
|
فالنُّومُ لا تُطْعَمُهُ العَيْنَانُ |
والقِدان بالدالِ والذال : البَراغيثُ. انظر : همع الهوامع : ١ / ٤٩ وضياء السالك : ١ / ٧٩.
(١) السُّمَانَاةُ : طائرٌ.
(٢) البيت لِسُؤرِ الذئب. وقوله : (بل جوز تيهاء) أي ربَّ جوزِ تيهاءَ. وجوز التيهاء : وسط المفازة ، والحجفة : الترس من جلد ، وقوله : كظهر الحجفة : أي في الاستواء. انظر : الخصائص : ١ / ٣٠٤ و ٢ / ٩٨ والمخصص : ٩ / ٧ ، ١٦ / ٨٤ ، ٩٦ ، ١٢٠ والإنصاف : ٢٣٢ وشرح المفصل : ٢ / ١١٨ ، ٤ / ٦٧ و ٨ / ١٠٥ ، ٩ / ٨٠ ، ٨١ و ١٠ / ٤٥ ولسان العرب : ١٠ / ٣٨٣ و ١٣ / ٧٤ وشرح شواهد الشافية : ٤ / ٢٠٠.
(٣) انظر : معاني القرآن للفرّاء : ٢ / ٢٣٦ والإرشادات الجلية : ٣١٨.