وحَدٌ ، فَأَمَّا إِحْدَى وعشرونَ إلى التّسْعِينَ فَإنَّهُ لَـمَّـا سبَقَ التحريفُ إليها فِي إحْدَى عشرةَ ثَبَتَ فِيهَا فِيَما بَعْدُ (٢) وقَرَأَ الأعَمَشَ : (اثنَتا عَشَرَةَ) (١) بِفَتحِ الشين.
قَالَ أَبُو الفَتْح : القِراءة في ذلك (عَشْرة) و (عَشِرةَ) ، فَأَمَّا (عَشَرَةَ) فَشَاذُّ ، وهِيَ قِرَاءة الأعْمَش.
وعَلى الجُمْلَةِ فِيَنْبَغِي أَنْ يُعْلَم أَنَّ ألفاظَ العَدَدِ قَدْ كَثُرَ فِيهَا الانحرَافَاتُ والتخليَطاتُ ، ونُقِضَتْ فِي كثير مِنْهَا العاداتُ وذَلِكَ أَنَّ لُغَةَ أَهلِ الحجازِ في غيرِ العَددِ نظير عَشْرة : عَشِرَة وأَهل الحجاز يكسرون الثاني وبنو تميم يسكنونه فيقول الحجازيون : نَبِقَه وفَخِذ ، وبنو تميم تقول : نَبْقَه وفَخْذ فَلَمَّا رُكِّبَ الاسمان استحالَ الوضْعُ فَقَالَ بَنُو تَمِيم إحْدَى عَشِرةَ وثِنتَا عَشِرةَ إلى تسع عَشِرةَ بكسر الشّين ، وقَال أَهْلُ الحِجَازِ : عَشْرة بِسكونِها. ومِنْهُ قَولُهُم فِي الواحِدِ : واحد وأَحد ، فَلَمَّا صاروا إلى العَدَدِ قالَوا : إحْدَى عَشر ، فبنوه عَلَى فِعْلَى ، ومنه قَولُهُمْ : عَشْر وعَشرةٌ ، فَلَمَا صَاغُوا مِنْهُ اسماً لِلْعَدَدِ بِمَنْزِلَةِ (ثلاثونَ) و (أَربْعَونَ) قَالُوا : عِشْرونَ ، فَكَسَرُوا أولَهُ. ومِنْهُ قَولُهُم : ثَلاَثُونَ وأَرْبَعُونَ إلى (التسعون) فجمعوا فِيهِ بَيْنَ لَفْظَينِ ضِدَّينِ أَحَدُهُما يَخْتَصُّ بالتّذْكِيرِ والآخر بالتَّأْنِيثِ ، أَما الُمخْتَصُّ بالتَّذْكِير فَهْو الواو والنونُ ، وأما المختصّ بالتأنيث فهو قولهم : ثلاث وأربع وتسع في صدر (ثلاثون) و (أربعون) و (تسعون) وكلّ واحد من ثلاث وأربع وخمس وستّ إلى تسع
__________________
(٢) المحتسب : ١ / ٢٦١ ـ ٢٦٤.
(٣) من قوله تعالى من سورة البقرة : ٢ / ٦٠ : (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْـناً).