البَصَرَ إلى البَرقِ وقَالَ :
تَسْتَبْرِقُ الأُفُقَ الأقْصَى إذا ابْتَسَمَتْ |
|
لاَحَ السُّيوفُ سِوى أَغْمَادِهَا القُضُبُ (١) |
هَذَا إنْ شئت قُلْتَ : مَعْنَاهُ تَسْتَبْرِقُ أَبْصَار أَهل الأْفُق ، وإِنْ شِئْتَ قُلْتَ : تُبْرِقُهُ ، أَيْ : تَأَتِي بالبَرق مِنْهُ.
وأَمَّا البزْيُون فَبَعيدٌ عَنْ هَذَا ، اللّهمَّ إلاَّ أَنْ نَقُولَ : إنَّهُ لِمَائِهِ ، وصَنْعَتهِ تَسَتْبرقُ ، أَيْ : تَبْرَقُ ، فيكون كَقَرَّ واسْتَقَرَّ ، ولَسْتُ أَدْفَعُ أَنْ تَكُونَ قَرَاءَة ابنِ مُحَيْصِنِ بهذا ، لاَِ نَّهُ تَوهُمٌ فِعْلاً إذ كَانَ عَلَى وزْنِهِ ، فَتَرَكهُ مَفْتُوحاً عَلَى حَالِهِ ، كَمَا تَوهَّمَ الآخر أَنَّ مَلَكَ الموتِ مِنْ مَعْنَى المِلْكِ حَتَّى قَالَ :
فَمَـالِكُ مَوت بِالقَضَاءِ دَهَانِي
فَبَنَى مِنْهُ صورَة فاعل منِ المِلْكِ وهذا أَسْبَقُ مَا فيهِ إليَّ (٢) وقَرَأَ أَبو جعفر : (إنْ يُوحَى إلَيَّ إلاَّ إنَّمَا) (٣) ، بكسرِ الألفِ.
قَالَ أَبو الفتح : هَذَا عَلَى الحكايةِ ، حَتَّى كَأَ نَّهُ قَالَ : إِن يُوحَى ، أَيْ : إنْ يُقَالَ لِي : إلاّ أنْتَ نَذِيرٌ مُبينٌ.
فَإنْ قيلَ : فَإذا كَانَ حكاية فقدْ كَانَ يجبُ أَنْ يَردَ اللفظُ عَينهُ ، وهو لم يَقُلْ لَهُ : أَنَا نَذِيرٌ مبينٌ ، فَهَلاَّ أَعادَهُ البتّةَ ، فقال : إنْ يُوحَى إِليَّ إلاّ أَنتَ نَذِيرٌ مُبينٌ؟ قِيلَ : هَذَا أَرَادَ ، إِلاَّ أَنَّهُ إذَا قَالَ : إلاّ أَنَّـمَـا أَنَا نَذِيرٌ مُبينٌ فَكَأ نَّهُ قَدْ قَالَ : أَنْتَ نَذيِرٌ مُبيُن ، أَلا تَراكَ تقولُ لِصَاحِبكَ : أَنْتَ قُلْتَ : إنَّكَ شجاعٌ فِزدْتَ الحرفَ ، وهُو لَمْ
__________________
(١) يروى البيت في اللسان : ١١ / ٢٩٥ هكذا :
يَسْتَبرِقُ الأُفُقُ الأقصى إذا ابتَسَمَتْ |
|
لَمْعَ السّيوفِ سوى أَغمادِها القُضُبُ |
(٢) المحتسب : ٢ / ٣٠٤ ـ ٣٠٥.
(٣) من قوله تعالى من سورة ص : ٣٨ / ٧٠ : (إِن يُوحَى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ).