الْعَتِيقِ) (١) وإنّمَا أُسْكِنَتْ تَخْفِيفاً لِثِقَلِ الكَسْرَةِ فِيهَا ، وفرقوا بينها وبين لام كي بَأَنْ لَمْ يُسكنوها ، فَكَأَ نَّهُمْ إنَّمَا اختاروا السُّكُونَ لِلاَمِ الأمْرِ ، والتحريك لِلاَم كَي مِنْ حَيْثُ كَانَتْ لامُ كَي نائبَةً فِي أَكْثَرِ الأمِرْ عَنْ أَنْ (٢) ، وهِي أَيضاً فِي جوابِ كَان سيفعلُ إذا قُلْتَ : مَا كَان ليفعل ، محذوفة مع اللاّم البتّة ، فلمَّا نابتْ عنها قوَّوها بإِقرار حركتِها فيها ، لاَِنَّ الحرفَ المُتَحَرِّكَ أَقْوى مِنَ السَّاكِنِ ، والأَقْوى أَشْبَهُ بِأَنْ يَنُوبَ عَنْ غيرِهِ مِنْ الأضْعَفِ.
نَعَمْ وقَدْ رَأَيْنَاهُم ، إذَا أَسكنُوا بعضَ الحروفِ أَنابوهُ عنْ حركتِهِ وعاقبُوا بينَهُ وبينَهَا ، وذلك نحو الجواري والغواشي صارتِ الياءُ فِي موضع الرَّفْعِ والجَرِّ معاقِبَةً لضَمَّتِها وكسرتِها في قولِكَ : هؤلاءِ الجواري ومررتُ بالجواري ، فكأنَّ لامَ كي على هذا إذَا أُسْكِنَتْ معاقِبَةً لاَِنْ ، وكَالمُعَاقِبَة أَيضاً لِكسرتِها ، فَلِذَلِكَ أَقَرُّوهَا عَلَى كَسْرتِها ولَمْ يَجْمَعُوا عَلَيْهَا مَنَابَها فِي أَكثرِ الأَمرِ عَن أَنْ وقَدْ ابتزّتْ حَرَكَةَ نَفْسِهَا أَيضاً.
وأَيضاً فَإنَّ الأمرَ مَوضِعُ إيجاز واستغناء ، أَلاَ تَرَاهُمْ قَالَوا : صَه ومَه ، فأَنابُوهُمَا عَنِ الفِعْلِ المُتَصَرِّفِ وكَذَلِكَ حَاءِ (٣) وعَاءِ (٤)
__________________
(١) سورة الحجِّ : ٢٢ / ٢٩.
(٢) قال أبو القاسم الزجّاجي : ينتصب الفعل بَعْدَ لام كي عند البصريين بإضمار (أَنْ) وعند الكوفيين اللاّم بنفسها ناصبة ، وهي في كلا المذهبين مُتَضَمِّنَةٌ مَعنَى كي وهذه اللاّم عند البصريين هي الخافضة للأَسماء. كتاب اللاّمات : ٥٣.
(٣) حاحا : اسم صوت لدعاء الضَّان والفعل منه حَاحَيتُ. شرح التصريح : ٢ / ٢٠١.
(٤) عَاعَا : اسم صوت لزجر الإِبِلِ ، وَيُروَى أَنَّهُ لِدُعَاءِ المعزّ والفعل منه عاعيتُ. حاشية الصَّبَّان على شرح الأَشموني : ٣ / ٢٠٨.