وهَاءِ (١). (٢)
وقَرَأَ الناس : (مَاءً لِيُطَهِّرَكُم بِهِ) (٣) وقَرَأَ الشعبي : (مَا لِيُطَهّركُم بِهِ) عَلَى مَعْنَى الَّذي بِهِ.
قال أَبو الفتح : (مَا) هَا هُنَا موصولةٌ ، وصِلَتُها حَرفُ الجَرِّ بِمَا جَرَّهُ ، وكَأَ نَّهُ قَالَ : ما للطَّهُورِ ، كقولِكَ : كسوتُهُ الثوبَ الَّذي لِدَفِعِ البَردِ ، ودفعتُ إليهِ المالَ الَّذي للجهادِ ، واشتريتُ الغلامَ الَّذي لِلقِتَالِ (٤).
ألا ترى أَنْ تقديره : ويُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِنَ السَّـمَـاءِ الماءَ الَّذي لاَِنْ يُطَهِّرَكُمْ بِهِ ، أيْ : الماءَ الَّذي لِطهَارَتِكم أَو لِتَطْهِيرِكُم بِهِ. وهَذِهِ اللاّمُ في قراءةِ الجَمَاعَةِ : (مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ) هِيَ لاَمُ المَفْعُولِ لَهُ (٥) ، كَقَولِهِ : زرِتك لتكرمني ، وهي متعلّقة بزرتك ، وَلاَ ضميرَ فِيها لِتَعَلُّقِهَا بالظاهِر.
فهي كقوله تعالى : (إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً * لِيغْفِرَ لَكَ اللهُ) (٦) فهي ـ كما ترى ـ متعلّقةٌ بنفس (فَتَحْنَا) تَعَلُّقَ حرفِ الجَرِّ بالفعلِ قبلَهُ.
وأَمّا اللاّمُ فِي قراءةِ مَنْ قَرَأَ : (مَا لِيُطَهّرُكُم بِهِ) أَيْ : الَّذي لِلْطّهَارَةِ بِهِ ،
__________________
(١) في شرح التصريح : ٢ / ٢٠١ : يُقالُ للإِبِلِ إذا دُعِيَتْ لِلعَلَفِ هَأهَأ والاسم الهيء.
(٢) المحتسب : ١ / ٢٢٧ ـ ٢٢٨.
(٣) من قوله تعالى من سورة الأنفال : ٨ / ١١ : (إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ).
(٤) قال أَبو حَيَّان : وظَاهِرُ هَذَا التَّخريج فَاسِدٌ لاَِنَّ لامَ كَي لا تكونُ صِلَةً وَيُمكِنُ تَخريجُ هذهِ القِرَاءَةِ عَلَى وجْه آخَر وهُو أَنَّ (مَا) لَيْسَ مَوصْولاً بِمَعْنَى الّذِي وأَ نَّهُ بِمعنَى (مَاء) الممدود وذلك أنّهم حكوا عن العرب حذف هذه الهمزة. البحر المحيط : ٤ / ٤٦٨.
(٥) قال العكبري : الجُمهُورُ على المَدِّ والجَارِّ صفة له. إِملاء ما منَّ به الرحمن : ٢ / ٤.
(٦) سورة الفتح : ٤٨ / ١ ـ ٢.