أَظْهَرْتُهُ البتة (١).
فَأَمَّا (أَخْفِيهَا) بِفَتْحِ الألفِ فَإِنَّهُ أُظْهِرُها. فَإذَا كَانَ (أَخْفِيهَا) بَالفَتْحِ أَو (أُخْفِيهَا) بِمَعْنَى أُظْهِرُهَا فاللاّمُ فِي قُولِهِ : (لِتُجْزَى) (٢) معلّقة بنفسِ (أَخفيها) ولاَ يَحسن الوقفُ دونَها.
وإِذَا كَانَ مِنْ مَعْنَى الإخفاءِ والسَّتر فاللاّم متعلّقةٌ بنفس (آتِيَة) أَيْ : إنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لِتُجْزى كُلَّ نفس بِمَا تَسْعَى ، أَكَادُ أُخفِيهَا.
فالوجْهُ أَنْ تَقِفَ بَعْدَ أُخفِيها وقْفَةً قَصيِرَةً. أَمَّا الوقْفَة فَلِئَلاَّ يُظَنُّ أَنَّ اللاّمَ مُعَلَّقَةٌ بنفسِ (أُخفيها) وهذا ضدُّ المعنى. لاَِ نَّها إذَا لَمْ تَظْهَرْ لم يكنْ هناكَ جزاء ، إنَّمَا الجَزَاءُ مَعَ ظِهُورِهَا. فَأَمَّا قِصَرُ الوقْفَةِ فَلاَِنَّ اللاَّمَ مُتَعَلّقَةٌ بنفسِ (آتيةٌ) فَلاَ يحسنُ إتْمَامُ الوقفِ دونَهَا ، لاتّصال العاملِ بالمعمولِ فيه. وهذه الوقفةُ القصيرةُ ذكرَهَا أَبو الحَسَنِ ومَا أَحْسَنَها وأَ لْطَفَ الصنعةِ فيها (٣)!! وَقَرَأَ الحَسَنُ : (لَيْلاَ يَعْلَمَ أَهْلُ الكِتَابِ) (٤) بنصِب اللاّمِ ، وبجزمِ الياءِ ولا يهمز.
قَالَ أَبو الفتح : حكاها قُطرُب ـ فِيَما رويناهُ عَنْهُ ـ (لِيْلاَ) بكسر اللاّم ، وسكون الياء ، وَقَالَ : حَذَفَ همزةَ (أَنْ) وَأَبْدَلَ (النُّونَ) ياءً ، هَكَذَا قالَ.
وَالَّذي حكاه ابنُ مُجَاهِد : بفتح اللاَّمِ وسكونِ الياءِ. وَمَا ذَكَرَهُ قُطرُب مِنَ
__________________
(١) قال أبو عبيدة : خَفَيتُ وأَخْفيَتُ بمعنى واحد وقَدْ حَكَاهُ أَبُو الخَطَّابِ.
البحر المحيط : ٦ / ٢٣٣.
(٢) سورة طه : ٢٠ / ١٥.
(٣) المحتسب : ٢ / ٤٧ ـ ٤٨.
(٤) من قوله تعالى من سورة الحديد : ٥٧ / ٢٩ : (لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْء مِّن فَضْلِ اللَّهِ).