الشرط (١) أَلاَ تَرَاهُ دَالاًّ عَلَى الشَّرْطِ وَلِذَلِكَ انْجَزَمَ جوابُهُ فِي قَوْلِكَ : زُرْنِي أَزُرْكَ لاِنَّ مَعْنَاهُ : زُرْنِي ، فَأَ نَّكَ إنْ تَزُرْنِي أَزُرْكَ ، فَلَمَّا آلَ مَعْنَاهُ إلى الشَّرطِ جَازَ دُخُولُ الفاءِ فِي الفِعْلِ المُفَسّر لِلْمُضْمَرِ ، فَعَلَيهِ تَقُولُ : بزيد فَامْرُرْ وَعَلَى جعفر فانْزِلْ (٢).
وَقَرَأَ الحَسَنُ : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمنُوا فَصَلُّوا عَلَيهِ) (٣).
قَالَ أَبو الفتح : دُخولُ الفاءِ إنَّمَا هُوَ لِمَا ضُمّنَه الحَدِيثُ مِنْ مَعْنَى الشرطِ وَذَلِك أَنَّهُ إِنَّما وَجَبَتْ عَلَيهِ الصلاةُ مِنَّا لاَِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ قَدْ صَلَّى عَلَيْهِ ، فَجَرَى ذَلِك مجرى قولِهم : قَدْ أَعطيتُك فَخُذْ أَيْ : إنَّمَا وَجَبَ عَليك الأخذُ مِنْ أَجْلِ العطيةِ. وَإذَا قَالَ أعطيتُك خُذْ فَالوقوفُ عَلَى أعطيتكَ ، ثُمَّ استأنَفَ الأمرَ لَهُ بالأَخْذِ فَهُوَ أَعْلَى مَعْنَى وأَقْوَمُ قيلاً.
وَذَلِك أَنّهُ إِذَا عَلّلَ الأخذ فَجَعَلَهُ وَاجِباً عَنْ العَطِيةِ فَجَائزٌ أَنْ يُعَارِضَهُ المَأَمور بالأَخذِ ، بِأَنْ يَقُولَ : قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الأخْذَ لاَ يَجِبُ بِعَطِيتِكَ ، فَإِنْ كَانَ أَخْذِي لغير ذَلِكَ فعلتُ. وهو إذْ ارتجَلَ قَولَه : خُذْ لَمْ يُسْرِعِ المعارضةَ لَهُ فِي أَمْرهِ إيَّاهُ ، لاستبهامِ مَعْنَى موجبِ الأَخْذِ ، كَمَا قَدْ تَقعُ المُعَارَضةُ إذَا ذَكَرَ العِلَّةَ فِي ذَلِكَ.
فَإِنْ قُلْتَ : فَقَدْ يجوزُ أنْ يُعارِضَ أَمَرَهُ بالأخذِ مرسلاً ، كَمَا قَدْ يُعَارِضُهُ
__________________
(١) قال المُبَرِّدُ : إنَمَا وَجَبَ الجلدُ للزنى فَهَذَا مجازاةٌ ومن ثمَّ جَازَ : الَّذي يأتيني فَلُه دِرْهَمٌ فدخلتِ الفاءُ لاَِ نَّهُ استحقَّ الدّرْهَمَ بالإتيانِ. الكامل : ٢ / ٢٦٥.
(٢) المحتسب : ٢ / ١٠٠.
(٣) من قوله تعالى من سورة الأحزاب : ٣٣ / ٥٦ : (إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً).