قَالَ أَبُو الفتحِ : أَمَّا (وَيَذْركَ) بالإِسْكَانِ فَمِنْ يَذَرُكَ كَقِراءَةِ أَبِي عَمرو (إِنَّ اللهَ يَأمُرْكُمْ) (١).
وَحَكَى أَبُو زَيد : (رُسُلْنَا) (٢) بِاسكانِ اللاّمِ استثقالاً للضَّمَّةِ معَ توالي الحركاتِ وَلَمْ يُسْكِنْ أَبو عمرو (يَأَمُرُهُمْ) (٣). كَمَا أَسْكَنَ (يَأَمُرُكُمْ) وَذَلِك لِخَفاءِ الهاءِ وَخِفَّتِها فَجَاءَ الرَّفْعُ عَلَى وَاجِبِهِ وَلَيْسَتِ الكافُ فِي (يَأمُرْكُم) بخفية وَلاَ خفيفةَ خفّة الهاءِ ولا خفاءَهَا. فَثَقُلَ النُّطْقُ بِهَا فَحَذَفَ ضَمَّتَها (٤).
وَقَرَأَ الحَسَنُ وأبُو رَجاء وقَتَادة وَسَلاَّم وَيَعقوبُ وعبدُ اللهِ بنُ يزيدَ والأعمشُ والهمذاني : (وَيَذَرْهُمْ) (٥) بالياءِ وَجزمِ الراءِ.
قَالَ أبو الفتح : قَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ إِسكانِ المرفوعِ تخفيفاً (٦) ، وَعَليهِ قراءة من قرأ أَيْضاً : (وَمَا يُشْعِرْكُمْ) (٧) بِإسْكَانِ الرَّاءِ وَكَأَنَّ (يشعْركُمْ) أَعذر من (يَذَرْهُم)
__________________
(١) من قوله تعالى من سورة النساء : ٤ / ٥٨ : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ).
(٢) من قوله تعالى من سورة الزخرف : ٤٣ / ٨٠ : (أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُـنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) وسكون اللاّم رواية أَبي زيد. المحتسب : ١ / ١٩٩.
(٣) من قوله تعالى من سورة الأعراف : ٧ / ١٥٧ : (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُـمْ عَـنِ الْمُنكَرِ).
(٤) انظر : المحتسب : ١ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧.
(٥) من قوله تعالى من سورة الانعام : ٦ / ١١٠ : (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّة وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ).
(٦) اُنظر : المحتسب : ١ / ٢٥٦ ـ ٢٥٧.
(٧) من قوله تعالى من سورة الأنعام : ٦ / ١٠٩ : (قُلْ إِنَّمَا الآيَاتُ عِندَ اللهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ) ، والقِرَاءَةُ المُشَارُ إلَيهَا هِيَ قِرَاءَةُ أَبِي عمرو. إتحاف فضلاءِ البشر : ١٢٩.