وَقولُ أَبِي العَبَّاسِ : إنَّها مِنْ أَحْسَنِ الضَّرُوَراتِ (١).
روى أَيوبَ عَنْ يَحْيَى عن ابنِ عامر أَنه قَرأَ : (وَإنْ أَدْرِيَ لَعَلّهُ) (٢) (وَإنْ أَدْرِيَ أَقَرِيبٌ) (٣) بفتحِ الياءِ فِيهِمَا جميعاً.
قَالَ أَبُو الفَتْحِ : أَنْكَر ابنُ مُجاهد تحريكَ هاتين اليائينِ وظاهرُ الأمر لَعَمْرِي كَذَلِكَ لاَِ نَّهَا لام الفِعل بمنزلةِ ياءِ أَرمي وَأَقْضِي ، إِلاَّ أَنَّ تحريكَها بالفَتْحِ فِي هَذِينِ المَوْضِعَينِ لِشُبْهَة عَرَضَتْ هُناكَ وَلَيسَ خطأً ساذَجاً بَحْتاً.
وَذَلِكَ أَنَّكَ إذَا قُلْتَ : أَدْرِي فَلَكَ هُنَاكَ ضميرٌ وإنْ كَانَ فاعلاً فَأَشْبَهَ آخِرُهُ آخِرَ مَالكَ فِيهِ ضَميرٌ وَإن كَانَ مُضَافاً إليهِ ، كَقَولِكَ : غُلامِيَ ودارِيَ فلمَّا تَشَابَهَ الآخِرانِ بكونِهِمَا ياءَين وهناكَ أَيضاً للمتكلم ضميرانِ وَهُمَا المرفوع في (أدري) والمجرور في (داري) و (غُلاَمِي) أَشْبَهَ آخِرُ (أَدْرِي) ـ لِمَا ذَكَرْنَا ـ آخِر (دارِي) و (صاحِبي) ففتحتِ الياءُ فِي (أَدْرِي) كَمَا تُفْتَح فِي نحو (دَارِيَ) وَ (غُلامِيَ) (٤).
وَروَى يَحيى عَنِ ابن عامر : (أَدْرِيَ أَقَرِيبٌ) (٥) وَهَذَا لا يجوز.
قَالَ أَبو الفتح : طريقُ هَذَا أَنَّه أَشْبَهَ آخرَ فعلِ المتكلمِ بيائِهِ كقولِكَ : هَذَا
__________________
(١) المحتسب : ١ / ٢٠٩.
(٢) من قوله تعالى من سورة الأنبياء : ٢١ / ١١١ : (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَـاعٌ إِلَى حِين).
(٣) من قوله تعالى من سورة الأنبياء : ٢١ / ١٠٩ : (وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيـدٌ مَّـا تُوعَدُونَ).
(٤) المحتسب : ٢ / ٦٨.
(٥) من قوله تعالى من سورة الجن : ٧٢ / ٢٥ : (قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً).