قَالَ أَبُو الفتح : ظاهرهُ أَنَّهُ مَفْسُوحٌ في تَركِ ذَلِكَ. وَقَد يمكن أيضاً أنْ تكونَ (لا) على هذه القراءة زائدة.
فيصير تأويلهُ وتأويل قراءة الكافّة واحداً حتَّى كأَ نَّهُ قال : فَلاَ جُنَاحَ عَلَيهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بهما ، وزاد (لا) كما زيدت في قوله تعالى : (لِئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلاَّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَىْء مِّن فَضْلِ اللَّهِ) (١) أَيْ لِيَعْلَمَ (٢).
وَكَقَوْلِهِ :
مِنْ غِيرِ لاَ عصْـف وَلاَ اصـطـرافِ (٣)
__________________
قط ، ولم يخالطِ الشِّرْكُ وعيَهُ طرفةَ عين ، فما معنى أنْ يُقال ذلكَ عن ابنِ عباس الذي وُلِدَ بعدَ البعثة بعشر سنوات ، وقد أسلمت أُمّه بعد إسلام خديجة عليها السلام!! الجامع لأحكام القرآن : ٢ / ٤٧٧ ، وزاد المسير : ١ / ١٦٣ ، والبحر المحيط : ١ / ٦٢٧ ، والدر المنثور : ٢ / ٨٧ ، و ٩٢ ، ولهذا جاء حديث الإمام الباقر عليه السلام مُوَضّحاً أنَّ الذي يُستعمل للدلالة على عدم الوجوبِ عيناً هو رفعُ الإثمِ عن التَّرْكِ ، وأمَّا رفعُ الإثم عن الفعل فقد يُستعمل في المُبَاح كما يُستعمَل في المَندُوب والواجب أيضاً. وحيث أَنَّ بعضَ المُخاطَبين كانُوا يفهمون الإثم في الطواف بين الصفا والمروة للسبب المذكور ، فخُوطِبُوا بنفي الإثم وإنْ كان الفعل في نفسه واجباً. فالآية الشريفة جاءتْ لنفي زعم الإثم في الطواف بين الصفا والمروة ، لا لإفادة أنَّ الطواف بينهما مباح أو ليس بواجب. وظاهر القراءة المذكورة دالٌّ على عدم وجوب الطواف ، ولكن لم يأخذ أحدٌ بذلك الظاهر ، وصَرّحُوا باحتمال زيادة (لا) في تلك القراءة للتوكيد. كما في : مجمع البيان : ١ / ٤٤٢ ، والجامع لأحكام القرآن : ٢ / ٤٧٧ ، وقد شكّك الأخير ، كما مرَّ ، بنسبة تلك القراءة إلى الصحابة.
(١) سورة الحديد : ٥٧ / ٢٩.
(٢) مضى على ذلك أئمّة اللغة : انظر : الكتاب : ٢ / ٣٠٦ والحُجَّة : ١ / ١٢٢ والمقتضب : ١ / ٤٧ والتَّمام : ١٢٠ والكشاف : ٢ / ٨٩ و ٤ / ٤٨٣ وأَمالي الشجري : ٢ / ٢٢١ و ٢٣١ والجنى الداني : ٣٠٨ والبحر المحيط : ٤ / ٢٧٢.
(٣) للعجاج. ويروى (بغير) مكان (من غير) والعصف : الكسب ، والاصطراف : التصرّف في وجوه الكسب. انظر : الديوان : ٤٠ والخصائص : ٢ / ٢٨٣ واللسان : ١١ / ١٥٥.