كالطبيعة الثانية للإنسان ، فلو أوجبا القضاء للزم العسر والحرج المنفيان شرعاً ، ولا كذلك الجاهل ، فإنّ هذه الحكمة غير موجودة فيه أصلاً.
( وفيه وجه بالقضاء ) للحلّي ( مخرَّج ) من أن الأعمال بالنيات ، قال : فكيف تصح بلا نية ، وردّ به كلام شيخ الطائفة (١).
ويضعّف : بأنه لا عمل هنا بلا نية كما في المختلف والمنتهى (٢) ، واستغرب فيه كلامه وقال : إنه لا يوجبه فيه البتة ، والظاهر أنه قد وهم في ذلك ؛ لأن الشيخ قد اجتزأ بالنية عن الفعل فتوهّم أنه قد اجتزأ بالفعل بغير نية ، وهذا الغلط من باب إبهام العكس. انتهى.
وفي المعتبر : ولست أدري كيف يحلّ له هذا الاستدلال ولا كيف يوجّهه ، فإن كان يقول : إن الإخلال بالإحرام إخلال بالنية في بقية المناسك فنحن نتكلم على تقدير وقوع نية كل منسك على وجهه ظاناً أنه أحرم أو جاهلاً بالإحرام ، فالنية حاصلة مع إيقاع كل منسك ، فلا وجه لما قاله (٣).
وهو حسن ، وبناؤه كالفاضل على أن المراد بالإحرام المنسي في كلام الشيخ إنما هو ما عدا النية ، كما عرفته من مذهبه المتقدم إليه الإشارة ، فلا يرد ما ذكره الشهيد من أن نسيان نية الإحرام يبطل سائر المناسك ؛ لعدم صحة نياتها مُحلاًّ (٤).
والأولى في توجيه مذهبه حيث لا يذهب إلى حجية الآحاد التمسك بأصالة وجوب الإتيان بالمأمور به على وجهه ، ولم يحصل ، وغاية النسيان رفع المؤاخذة ، لا صحة العبادة. وهو متين لولا الرواية المنجبرة بفتوى الأصحاب.
__________________
(١) السرائر ١ : ٥٢٩.
(٢) المختلف : ٢٦٤ ، المنتهى ٢ : ٦٨٥.
(٣) المعتبر ٢ : ٨١.
(٤) غاية المراد ١ : ٣٩١.