قيل : وليس كالصلاة التي تبطل بمنافياتها وبالنية ، فلا يتوجه ما في المختلف من أنه كالصلاة التي يستحبّ إعادتها إذا نسي الأذان والإقامة.
والجواب : أن الإعادة لا تفتقر إلى الإبطال ، لمَ لا يجوز أن يستحب تجديد النية وتأكيدها للرواية ، وقد ينزل عليه ما في المختلف (١). انتهى.
وهو حسن إن تمّ منع افتقار الإعادة إلى الإبطال. وفيه نظر ؛ لتبادره منها عرفاً ، وقد صُرّح في الأُصول بأنها عبارة عن الإتيان بالشيء ثانياً بعد الإتيان به أوّلاً لوقوعه على نوع خلل ، قالوا : كتجرّده عن شرط معتبر ، أو اقترانه بأمر مبطل ، فتدبر.
ولعلّه لذا لم يُجب عن الحلّي أحد من المتأخرين إلاّ بابتناء مذهبه هنا على مذهبه في أخبار الآحاد من عدم حجيتها ، وهو ضعيف.
وعلى هذا فالمعتبر من الإحرامين ثانيهما ، كما هو ظاهر المختلف والمنتهى وغيرهما (٢).
خلافاً للشهيدين فأولهما (٣). قال ثانيهما : إذ لا وجه لإبطال الإحرام بعد انعقاده (٤) ، فلا وجه لاستئناف النية ، بل ينبغي أن يكون المُعاد هو التلبية واللبس خاصة. انتهى.
وفيه ما عرفته من ظهور النص في الإبطال ، من جهة لفظ الإعادة ، المفهوم منه ذلك عرفاً وعادةً.
هذا ، مضافاً إلى ما ذكره بعض المحدّثين في الجواب عنه : بأن النية الأُولى إنما كانت معتبرة بمقارنة اللبس أو التلبية ، مثل نية الصلاة المقارنة
__________________
(١) كشف اللثام ١ : ٣١١.
(٢) المختلف : ٢٦٤ ، المنتهى ٢ : ٦٧٣ ؛ وانظر الذخيرة : ٥٨٦.
(٣) الشهيد الأول في الدروس ١ : ٣٤٤ ، الشهيد الثاني في المسالك ١ : ١٠٦.
(٤) إلى هنا عبارة المسالك ، وما بعد عبارة المدارك ٧ : ٢٥٤.