السند بالجهالة وما قبلها من الأخبار الصحيحة غير صريحة ، لعدم وضوح « يستحب » فيما يجوز تركه ، كما هو المصطلح عليه الآن ، فلعلّ المراد به المعنى الأعم المجامع للوجوب ؛ والصحيحة الثانية دلالتها في المسائل إنما هي بالعموم فتقبل التخصيص برواية الوجوب ، فإنها نصّ فيها.
ولعلّه إلى هذا نظر شيخنا في الروضة ، حيث إنه بعد أن نقل الاستدلال من الشهيد على الاستحباب بالجمع بين صحيحة الوجوب والرواية الأخيرة قال : وفيه نظر ، لأن المجوّزة مجهولة الراوي فكيف يؤوّل الصحيح لأجلها (١).
وعليه فيضّعف ما يورد عليه من أن دليل الاستحباب غير منحصر في الرواية الأخيرة (٢) ؛ وذلك لوضوح الانحصار بعد ما عرفت من ضعف الدلالة فيما عداها من الأخبار الصحيحة ، ولعلّه لهذا لم يستدل بها الشهيدان مع الصحة.
والأقرب في الجواب عما في الروضة بانجبار الرواية بالشهرة وما عرفت من الإجماعات المنقولة.
مضافاً إلى أن الصحيحة الثانية النافية للوجوب في المسألة وإن كانت عامة لكن ما فيها من التعليل يجعلها في قوة الرواية الخاصة.
هذا مع أن العام المعتضد بالشهرة أقوى من الرواية الخاصة التي ليست معتضدة بالشهرة.
هذا مع أن في المختلف وغيره (٣) بعد نقل القول بالوجوب عن هؤلاء
__________________
(١) الروضة البهية ٢ : ٢٨٥.
(٢) المدارك ٨ : ١١.
(٣) المختلف : ٣٠٢ ؛ وانظر الحدائق ١٧ : ١٦.