فاذا لم يكن فيها صريح بذلك حملناها على أن المراد بها ما ليس بواجب ، دون ما هو فرض ؛ لأن الواجب لا يجزئ فيه إلاّ واحد عن واحد حسبما ذكرنا ، والذي يدل على هذا التأويل ما رواه الحسين بن سعيد ، ثم ساق الصحيحة التي قدمناها.
وقال بعدها : والوجه الآخر : أن يكون ذلك إنما ساغ في حال الضرورة دون حال الاختيار ، واستشهد عليه بالصحيح : عن قوم غلت عليهم الأضاحي وهم متمتّعون ، وهم مترافقون ليسوا بأهل بيت واحد ، وقد اجتمعوا في مسيرهم ، ومضربهم واحد ، ألهم أن يذبحوا بقرة؟ قال : « لا أُحب ذلك إلاّ من ضرورة » (١) انتهى (٢).
ونحوه في الذخيرة حيث قال : ويمكن الجمع بين الأخبار بوجهين (٣) ، ثم ساقهما كما ذكره الشيخ ، لكن رجّح ثانيهما قائلاً على أوّلهما أنه لا يجزي في صحيحة عبد الرحمن ، وأشار بها إلى الصحيحة الأخيرة المذكورة في كلام الشيخ ؛ ولعلّ منشأه التصريح فيها بأنهم متمتّعون.
وفيه : أنه معارض بالتصريح فيها بلفظ الأضاحي الظاهر في غير الهدي ، كما يشهد له الصحيحة المتقدّمة ، ولذا أن خالي العلاّمة المجلسي رحمهالله فيما نقل عنه حمل هذه الصحيحة على المستحبّة ، قال : وليس في قوله « وهم يتمتّعون » صراحة أن السؤال عن الهدي لكن الظاهر ذلك (٤).
أقول : نعم ، ولكنه معارض بظهور لفظ الأضاحي في المندوب ، فيتحقق الإجمال في الرواية ، بل ويمكن ترجيح ظهور الثاني بجوابه عليهالسلام
__________________
(١) الكافي ٤ : ٤٩٦ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٢١٠ / ٧٠٦ ، الإستبصار ٢ : ٢٦٨ / ٩٥١ الوسائل ١٤ : ١١٩ أبواب الذبح ب ١٨ ح ١٠.
(٢) التهذيب ٥ : ٢١٠.
(٣) الذخيرة : ٦٦٥.
(٤) ملاذ الأخيار ٨ : ٢٨.