وهنا يظهر ضعف القول بجواز العدول إلى التمتع على الإطلاق المشار إليه بقوله : ( وقيل : يجوز أن يعدل إلى التمتع ولا يعدل عنه ) والقائل الشيخ في النهاية والخلاف والمبسوط والقاضي والإسكافي (١).
وذلك لعدم دليل عليه حتى من النص ؛ لما مرّ ، مضافاً إلى مخالفته القاعدة والاعتبار.
هذا ، والذي ينبغي تحقيقه أن مراد هؤلاء ليس الإطلاق ، بل مع الشرط المتقدم ، كما يفهم من عبارة الشيخ في كتابي الحديث (٢).
مضافاً إلى ما ذكره الحلّي بعد نقل ذلك عنهم بقوله : هذا رواية أصحابنا وفتياهم ، وتحقيق ذلك أن من كان فرضه التمتع فحجّ عنه قارناً أو مفرداً فإنه لا يجزيه ، ومن كان فرضه القرآن أو الإفراد فحجّ عنه متمتعاً فإنه لا يجزيه ، إلاّ أن يكون ق حجّ المستنيب حجة الإسلام فحينئذ يصحّ إطلاق القول والعمل بالرواية.
قال : ويدلُّ على هذا التحرير قولهم : لأنه يعدل إلى ما هو الأفضل.
فلو لم يكن قد حجّ حجة الإسلام بحسب حاله وفرضه وتكليفه لما كان التمتع أفضل ، بل كان إن كان فرضه التمتع فهو الواجب ، وليس لدخول أفضل معنى ، لأن أفعل لا يدخل إلاّ في أمرين يشتركان ثم يزيد أحدهما على الآخر ، وكذا لو كان فرضه القرآن أو الإفراد لما كان التمتع أفضل ، بل لا يجوز له التمتع ، فكيف يقال : أفضل. فيخصّ إطلاق القول والأخبار بالأدلة ، لأن العموم قد يخصّ بالأدلة إجماعاً (٣). انتهى.
__________________
(١) النهاية : ٢٧٨ ، الخلاف ٢ : ٣٩٠ ، المبسوط ١ : ٣٢٤ ، القاضي في المهذّب ١ : ٢٦٨ ، ونقله الإسكافي في المختلف : ٣١٣.
(٢) التهذيب ٥ : ٤١٦ ، الاستبصار ٢ : ٣٢٣.
(٣) السرائر ١ : ٦٢٧.