فقال له الأشعث : ويحك ـ يا عمرو ـ والله إن كنت لأظن أنّ لك رأيا! فإذا أنت لا عقل لك! أترانا نخلّيك والماء؟! تربت فمك ويداك! أما علمت أنا معشر عرب؟ ثكلتك امك وهبلتك لقد رمت أمرا عظيما!
فأجابه عمرو : أما والله لتعلمنّ اليوم أنا سنفي بالعهد ونقيم على العقد ونلقاك بصبر وجدّ (١).
وكان الأشتر قد تعالى بخيله حيث أمره الإمام عليهالسلام ، ولكنّه الآن بعث إليه الأشعث يطلب منه أن يقحم خيله ، وبإذن من الإمام أقحم خيله حين سمع جواب عمرو (٢).
فناده الأشتر : والله لقد نزلنا هذه الفرضة ـ يا ابن العاص ـ والناس تريد القتال على البصائر والدين ، وما قتالنا اليوم إلّا حمية!
ثمّ كبّر الأشتر والأشعث وحملا (٣) وازدلفوا إليهم فتراموا بالسهام ثمّ تطاعنوا بالرماح ثمّ تضاربوا بالسيوف ، وطال ذلك بينهم (٤).
ثمّ إنّ عمرا أرسل إلى معاوية : أن خلّ بينهم وبين الماء ، أترى القوم يموتون عطشا وهم ينظرون إلى الماء؟!
فأرسل معاوية إلى يزيد بن أسد القسري ـ وكان مع السّلمي ـ : أن خلّ بين القوم وبين الماء. وكان القسريّ قاسيا في عثمانيته فأبى وقال : كلّا! لنقتلنّهم عطشا كما قتلوا عثمان!
__________________
(١) وقعة صفين : ١٦٩.
(٢) وقعة صفين : ١٦٧.
(٣) وقعة صفين : ١٦٩.
(٤) وقعة صفين : ١٦٢.