وقال للأشعث : ذاك إليكم. وأرسل بذلك إلى الأشتر ، فسمع وأطاع.
ورجع الأشتر فنادى في قومه : من كان يريد الموت أو الماء فميعاده الصبح فإني ناهض إلى الماء. فاجتمع إليه اثنا عشر ألف رجل (١).
فلما أصبحوا وصلّوا سلّوا سيوفهم على عواتقهم ، وشدّ الأشعث عليه سلاحه ، وأخذ رمحه وتقدمهم فجعل يرميه ويقول : بأبي أنتم وأمّي تقدّموا قاب رمحي هذا ، فلم يزل كذلك حتى خالط خيل السّلمي على الماء فحسر عن رأسه ونادى : أنا الأشعث بن قيس خلّوا عن الماء.
فنادى السّلمي : أما والله لا حتى تأخذنا وإياكم السيوف (٢)!
وكان ابن العاص عاصيا على معاوية في أمر الماء ولكنه قهره عليه (٣) فلما يئس الأشعث من السّلمي طلب عمرا فناداه : ويحك يا ابن العاص خلّ بيننا وبين الماء ، فو الله لئن لم تفعل ليأخذنا وإياكم السيوف! فقال عمرو : والله لا نخلّي عنه حتى تأخذنا وإياكم السيوف فيعلم ربّنا أينا اليوم أصبر (٤)!
__________________
(١) وقعة صفين : ١٦٦ وهنا زاد المعتزلي الشافعي في شرح نهج البلاغة ٣ : ٣٢٥ عن ابن مزاحم ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر (الجعفي) قال : خطب علي عليهالسلام فقال : «أما بعد ، فإن القوم قد بدءوكم بالظلم وفاتحوكم بالبغي واستقبلوكم بالعدوان ، وقد استطعموكم القتال حيث منعوكم الماء ، فأقرّوا على مذلّة وتأخير محلّة ؛ أو روّوا السيوف من الدماء ترووا من الماء! فالموت في حياتكم مقهورين ، والحياة في موتكم قاهرين. ألا وإنّ معاوية قاد لمّة من الغواة وعمّى عليهم الخبر حتى جعلوا نحورهم أغراض المنية». ونقله الرضي في نهج البلاغة خ ٥١ بحذف سطر من صدره ، ولم يذكر له مصدر سوى ابن مزاحم ، وليس في المنشور منه!
(٢) وقعة صفين : ١٦٧.
(٣) وقعة صفين : ١٧٠.
(٤) وقعة صفين : ١٦٧.