وبرز عمرو بن حصين السكسكي فنادى : يا أبا الحسن هلمّ إلى المبارزة؟ ثمّ حمل على علي ليضربه فبادره سعيد بن قيس الهمداني ففلق صلبه.
ثمّ قام علي عليهالسلام بين الصفّين ونادى مكرّرا : يا معاوية! وبلغ ذلك معاوية فقال : اسألوه ما يريد؟ فسألوه ذلك فقال : احبّ أن يظهر لي فاكلّمه كلمة واحدة. فبرز معاوية ومعه عمرو بن العاص ، فلما قارباه قال لمعاوية : ويحك! علام يقتتل الناس بيني وبينك ويضرب بعضهم بعضا؟ ابرز إليّ فأيّنا قتل صاحبه فالأمر له!
فالتفت معاوية إلى عمرو وقال له : ما ترى يا أبا عبد الله؟ قال : لقد أنصفك الرجل ، واعلم أنّه إن نكلت عنه لم تزل سبّة عليك وعلى عقبك ما بقي عربي! فقال معاوية : يا عمرو بن العاص ، ليس مثلي يخدع عن نفسه ، والله ما بارز ابن أبي طالب رجلا قط إلّا سقى الأرض من دمه! ثمّ انصرف ومعه عمرو ، فضحك علي عليهالسلام وعاد إلى موقفه. وقال معاوية لعمرو : ما أظنك يا عمرو إلّا مازحا! ويحك يا عمرو ما أحمقك! أتراني أبرز إليه ودوني الأشعريون وجذام وعكّ؟ وحقدها معاوية على عمرو (١).
ثمّ قاتلت النخع قتالا شديدا فأصيب يومئذ من معاريفهم : بكر بن هوذة ، وحنان بن هوذة ، وشعيب بن نعيم ، وربيعة بن مالك ، وابي بن قيس (٢) وقطعت رجل أخيه الفقيه علقمة بن قيس (٣).
__________________
(١) وقعة صفين : ٢٧٣ ـ ٢٧٥.
(٢) وله قبر قرب قبر عمار بن ياسر في بقعته في صفّين.
(٣) وقعة صفين : ٢٨٧ وتمام الخبر : وكان يقول : ما أحبّ أن رجلي أصحّ مما كانت لما أرجو بها من حسن الثواب من ربّي ، ولقد كنت أحبّ أن أبصر أخي في نومي ، فرأيته فقلت له : يا أخي ، ما ذا قدمتم عليه؟ قال : التقينا نحن والقوم عند الله عزوجل فاحتججنا فحججناهم ـ أي غلبت حجّتنا حجّتهم ـ فما سررت بشيء مذ عقلت كسروري بتلك الرؤيا.