فقال له معاوية : يا عمرو ، لقد رخصت في قولك! أنحن قتلناه؟ إنما قتله عليّ بن أبي طالب لمّا ألقاه بين رماحنا! فانتشر هذا الخبر حتّى بلغ عليا عليهالسلام فقال : فإذن رسول الله قتل حمزة لمّا ألقاه بين رماح المشركين (١).
وروى ابن الأعثم : قال معاوية : إنما قتله من جاء به إلى الحرب! وكان عبد الله بن عمرو حاضرا فقال : فكذلك حمزة يوم احد إنما قتله النبيّ! فالتفت معاوية إلى عمرو وقال له : نحّ ابنك هذا الموسوس الذي لا يدري ما يقول (٢)!
وروى الجزري الموصلي ، عن عبد الرحمن السلمي ـ القارئ المعروف وكان مع الإمام عليهالسلام ـ قال :
لما قتل عمار وأمسينا دخلت عسكر معاوية لأنظر هل بلغ منهم قتل عمّار ما بلغ منا؟ فإذا أنا بمعاوية ومعه عمرو بن العاص وابنه عبد الله (٣) وأبو الأعور السّلمي يتسايرون ، فتداخلت بفرسي بينهم لأسمعهم ما يقولون؟!
فسمعت عبد الله بن عمرو يقول لأبيه عمرو : في يومكم هذا قتلتم هذا الرجل (عمّار) وقد قال فيه رسول الله ما قال! فقال له أبوه عمرو : وما قال؟ قال : ألم يكن المسلمون في بناء مسجد النبي صلىاللهعليهوآله ينقلون لبنة لبنة وعمار لبنتين لبنتين فغشي عليه (من الضعف) فأتاه النبيّ صلىاللهعليهوآله وجعل يمسح التراب عن وجهه ويقول له : «ويحك يا ابن سميّة! الناس ينقلون لبنة لبنة وأنت تنقل لبنتين لبنتين رغبة في الأجر! وتقتلك الفئة الباغية»؟!
فالتفت عمرو إلى معاوية وقال له : أما تسمع ما يقول عبد الله؟ قال : وما يقول؟ فأخبره فقال : أفنحن قتلناه؟! إنما قتله من جاء به!
__________________
(١) الدرجات الرفيعة : ٢٨١ ـ ٢٨٢ مرسلا مرفوعا.
(٢) الفتوح لابن الأعثم ٣ : ٢٦٨.
(٣) هنا ذكر في الخبر عبيد الله بن عمر ، وقد قتل يومئذ.