وجاهد في طاعة ابن عمّ رسول الله ، وأوّل من آمن به ، وأفقههم في دين الله ، المخالف لأعداء الله المستحلّين ما حرّم الله ، الذين عملوا في البلاد بالجور والفساد ، واستحوذ عليهم الشيطان فزيّن لهم الإثم والعدوان. فحق عليكم جهاد من خالف سنّة رسول الله وعطّل حدود الله وخالف أولياء الله ، فجودوا بمهج أنفسكم في طاعة الله في هذه الدنيا ، تصيبوا الآخرة والمنزل الأعلى والملك الذي لا يبلى. ولو لم يكن ثواب ولا عقاب ولا جنة ولا نار ، لكان القتال مع عليّ أفضل من القتال مع معاوية ابن آكلة الأكباد! فكيف وأنتم ترجون ما ترجون (١)!
فلما كان نصف الليل ... انحاز معاوية وخيله من صفوفهم ، فغلب علي عليهالسلام على قتلاه في تلك الليلة ، فأقبل على أصحاب محمد صلىاللهعليهوآله وأصحابه فدفنهم وهم كثير ، وقتلى أصحاب معاوية أكثر (٢).
وروي أن هاشما هو الذي أوصى رجلا عند شهادته ـ ولعلّه هو مبعوث الإمام إليه ـ أن يبلّغ الإمام عليهالسلام : أنشدك الله إلّا أصبحت وقد ربطت مقاود خيلك بأرجل القتلى فإن الدّبرة (العاقبة) تكون غدا لمن غلب على القتلى! فأخبر الرجل عليا عليهالسلام بذلك ، فسار في أواخر الليل حتّى جعل القتلى خلف ظهره فكانت العاقبة له عليهم (٣).
وكان الإمام عليهالسلام حينئذ تحت رايات بكر بن وائل من ربيعة ، فجاءه عديّ بن حاتم الطائي ما يطأ إلّا على القتلى أيديهم أو أرجلهم حتى وجده فقال : يا أمير المؤمنين ، ألا نتوقف حتّى نموت؟!
__________________
(١) وقعة صفين : ٣٥٣ ـ ٣٥٧.
(٢) وقعة صفين : ٣٦٩.
(٣) وقعة صفين : ٣٥٣ و ٤٥٧ أكثر تفصيلا.