فقال الفتى : يا عبد الله ، إني لأظنّك امرأ صالحا ، وأظنّك قد نصحتني والله ، وأظنّني مخطئا آثما فأخبرني هل تجد لي من توبة؟
فقرأ له : إنّ الله (يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ)(١) و (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)(٢) نعم تب إلى الله يتب عليك. فرجع الفتى وذهب ليتوب!
ورجع هاشم وأصحابه إلى القتال حتّى أتتهم كتيبة من تنوخ فشدوا عليه فشدّ عليهم حتّى قتل منهم تسعة فحمل عليه عاشرهم الحارث بن المنذر فطعنه برمحه فشق بطنه فسقط.
وكأنّ الإمام عليهالسلام كان يرقبه فاستبطأ تقدّم لوائه أو رايته فبعث إليه : أن قدّم لواءك ، فلما وصل إليه رسوله قال له : انظر إلى بطني ، فإذا هو منشق ، فأخذ رايته رجل من بكر بن وائل (٣) وأصيب مع هاشم عصابة من القرّاء من أسلم ، وجزع الناس عليه جزعا شديدا ، فمرّ عليهم وعلى أصحابه الذين قتلوا معه وهم حوله فقال شعرا :
جزى الله خيرا عصبة أسلميّه |
|
صباح الوجوه صرّعوا حول هاشم |
وضرب الرجل البكريّ فوقع ، فقام عبد الله بن هاشم وأخذ راية أبيه وخطب أصحابه فقال لهم :
أيها الناس ، إن هاشما كان عبدا من عباد الله قدّر أرزاقهم وكتب آثارهم ، وأحصى أعمالهم وقضى آجالهم ، فدعاه ربّه الذي لا يعصى فأجابه ، وسلّم الأمر لله ،
__________________
(١) الشورى : ٢٥.
(٢) البقرة : ٢٢٢.
(٣) وقعة صفين : ٣٥٢ ـ ٣٥٧.