الجليل : أنّ فسّاقا كانوا عندنا غير مرضيّين وعلى الإسلام وأهله متخوّفين ، أصبحوا وقد خدعوا شطر هذه الأمة فأشربوا قلوبهم حبّ الفتنة ، فاستمالوا أهواء هم بالإفك والبهتان وقد نصبوا لنا الحرب وجدّوا في إطفاء نور الله (وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ)(١).
اللهمّ فإنهم قد ردّوا الحقّ فافضض جمعهم وشتّت كلمتهم وأبسلهم بخطاياهم ، فإنّه لا يذلّ من واليت ولا يعزّ من عاديت» (٢).
ثمّ مرّ عليهالسلام على جماعة من أهل الشام لا يزولون عن موقفهم وذكر له أنّهم غسّان فقال : إنّ هؤلاء لن يزولوا عن موقفهم دون طعن دراك يخرج منه النسم ، وضرب يفلّق إلهام ويطيح العظام ، وتسقط منه المعاصم والأكف ، وحتّى تصدع جباههم وتنشر حواجبهم على الصدور والأذقان. ثمّ نادى : أين أهل الصبر وطلّاب الخير؟ أين من يشري وجهه لله عزوجل؟ فثابت إليه عصابة من أصحابه.
فدعا ابنه محمدا وقال له : امش نحو هذه الراية مشيا رويدا على هينتك ، حتّى إذا أشرعت في صدورهم الرماح فأمسك يدك حتّى يأتيك أمري ، ففعل.
ثمّ أعدّ علي عليهالسلام الأشتر ومعه مثلهم ودنا منهم وأشرع الرماح في صدورهم ، أمر عليّ الذين أعدّوا فشدوا عليهم ونهض ابنه محمد في وجوههم فأزالوهم عن مواقفهم (٣) وأصابوا منهم رجالا واقتتلوا ، وغربت الشمس وصار المغرب ، فما صلّوا إلّا إيماء (٤).
__________________
(١) الصف : ٨.
(٢) كتاب سليم بن قيس ٢ : ٨١١ ، الحديث ٣٥ ، وتخريجه : ٣٥ وجعله واللاحق خبرا واحدا ، وخبرين في وقعة صفين : ٣٩١ ، والإرشاد ١ : ٢٦٤.
(٣) كتاب سليم بن قيس ٢ : ٨١١ ، الحديث ٣٥ وتخريجه : ٣٥.
(٤) وقعة صفين : ٣٩٢ ، ومروج الذهب ٢ : ٣٨٨ ، وإرشاد المفيد : ٢٦٧ مختصرا آخره.