وكأنّه بلغ الإمام أن أهل فارس اغتنموا فرصة الحرب وغياب ابن عباس فاختلّوا ، فلما عاد إلى الكوفة أرسل إليهم سهل بن حنيف الأنصاري وولّاه على فارس ، فأخرجوه! وكأنّه عليهالسلام بلغه عن زياد زيادة في ضبط الأمور فوجّه به إليهم فاستصلحهم فصالحوه وأدّوا إليه خراجهم وأرضوه (١).
ثمّ وجّه الإمام عليهالسلام إلى زياد رسولا ليحمل إليه ما اجتمع عنده من المال ، وكان فيه كسر من الخراج الموضوع عليهم فقال للرسول : إن الأكراد (العجم) قد كسروا من الخراج ، وأنا أداريهم (حتّى استخرج ذلك منهم) فلا تعلم بذلك أمير المؤمنين فيرى أنه اعتلال منّي!
فلما قدم الرسول أخبر الإمام بالكلام ، وعلم الإمام أن زيادا إنما أخبره بذلك ليبلّغه الإمام ، فكتب إليه : «أما بعد ، فقد بلّغني رسولي عنك ما أخبرته به عن الأكراد (العجم) واستكتامك إياه ذلك ، وقد علمت أنك لم تلق ذلك إليه إلّا لتبلّغني إيّاه! وإنّي اقسم بالله عزوجل قسما صادقا : لئن بلغني أنك خنت من فيء المسلمين شيئا صغيرا أو كبيرا ، لأشدنّ عليك شدّة يدعك قليل الوفر ثقيل الظهر. والسلام» هذا ما رواه الرضيّ والبلاذري (٢).
ونقل اليعقوبي : «أما بعد ، فإن رسولي أخبرني بعجب : زعم أنّك قلت له فيما بينك وبينه : إنّ الأكراد (العجم) هاجت بك فكسرت عليك كثيرا من الخراج!
__________________
(١) تاريخ خليفة : ١١٥ وعن الاستيعاب في قاموس الرجال ٥ : ٣٥٦ برقم ٣٤٨١ وفيه : أنّ سهلا مات بعدها بأقل من سنة : (٣٨ ه) وكان من أحبّ أصحابه إليه فقال فيه : لو أحبّني جبل لتهافت ، كما في نهج البلاغة خ ١١١. وصلّى عليه وشيّعه فكلّما أدركه ناس وقالوا : لم ندرك الصلاة عليه وضعه وأعاد الصلاة عليه حتّى صلّى عليه خمس مرات ، كما فعل رسول الله بعمّه حمزة رضى الله عنه. وتأمّلوا في الفرق بين ابن حنيف وبين عبد ثقيف!
(٢) أنساب الأشراف ٢ : ١٦٣ ، وقارن بنهج البلاغة ك ٢٠.