وجاءه زياد بن خصفة التميمي وهانئ بن خطّاب الأرحبي الهمداني كلّ يقول : أنا قتلت عبد الله بن وهب الراسبي ، فقال لهما : كيف صنعتما؟ فقال كلّ منهما :
يا أمير المؤمنين لما رأيته عرفته فابتدرته فطعنته برمحي. فقال لهما : لا تختلفا كلاكما قاتل (١).
بل قيل : تقدّم عبد الله الراسبي إلى أمير المؤمنين وناداه : يا ابن أبي طالب ، والله لا نبرح من هذه المعركة أو تأتي على أنفسنا أو نأتي على نفسك! فابرز إليّ وأبرز إليك وذر الناس جانبا!
فلمّا سمع الإمام عليهالسلام كلامه تبسّم وقال : قاتله الله من رجل ما أقلّ حياءه! أمّا إنّه ليعلم أنّي حليف السيف وخدين الرمح ، ولكنّه قد يئس من الحياة ، أو إنّه ليطمع كاذبا!
ثمّ حمل الراسبيّ على عليّ عليهالسلام فضربه الإمام فقتله وألحقه بأصحابه ، واختلطوا فلم يكن إلّا ساعة حتّى قتلوا بأجمعهم.
وأفلت منهم تسعة نفر : رجلان هربا إلى أرض سجستان (وبهما نسلهما) ورجلان صارا إلى بلاد عمان (وبها نسلهما) ورجلان صارا إلى اليمن (وبها نسلهما وهم الأباضية) ورجلان صارا إلى بلاد الجزيرة إلى موضع يعرف بالبوازيج ، وصار آخر إلى تل موزن (٢).
فقيل للإمام : يا أمير المؤمنين ، هلك القوم بأجمعهم (٣) وكان الحسنان حاضرين فقال أحدهما : الحمد لله الذي أراح أمّة محمّد من هذه العصابة!
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٨٧ عن أبي مخنف ، ومختصره في أنساب الأشراف ٢ : ٢٧٩ ط ٢.
(٢) كشف الغمة ١ : ٢٦٧.
(٣) نهج البلاغة خ ٦٠.