وإنّما ندعوكم ـ أيّها المسلمون ـ إلى الطلب بدمه وقتال من قتله! فإنّا وإياكم على أمر هدى واضح وسبيل مستقيم. إنّكم إن جامعتمونا طفئت النائرة واجتمعت الكلمة! واستقام أمر هذه الأمّة ، وأقرّ الظالمون المتوثبون الذين قتلوا امامهم بغير حقّ فأخذوا بجرائرهم وما قدّمت أيديهم!
إنّ لكم عليّ أن أعمل فيكم بالكتاب وأن أعطيكم في السنّة عطاءين! ولا أحمل من فيئكم شيئا أبدا! فنازعوا إلى ما تدعون إليه رحمكم الله.
وقد بعثت إليكم رجلا من الناصحين! وكان من أمناء خليفتكم المظلوم ابن عفّان وعمّاله وأعوانه على الحقّ والهدى! جعلنا الله وإيّاكم ممّن يجيب إلى الحقّ ويعرفه وينكر الباطل ويجحده ، والسلام عليكم ورحمة الله.
فقال معظمهم : سمعنا وأطعنا ، إلّا الأحنف بن قيس التميمي السعدي فإنه قام وقال : أمّا أنا فلا ناقة لي في هذا ولا جمل ، واعتزلهم!
ولكن قام عمرو بن مرجوم العبدي (من عبد القيس) والتفت إلى الناس وقال لهم : أيها الناس ، الزموا طاعتكم ولا تنكثوا بيعتكم ، فتقع بكم واقعة وتصيبكم قارعة ، ولا تكن لكم بعدها بقيّة! ألا إنّي قد نصحت لكم ولكن لا تحبّون الناصحين.
وكانت أمّ عبد الله بن عباس من بني هلال ، وكان منهم بالبصرة الضحّاك بن عبد الله الهلالي فقام والتفت إلى الحضرمي وقال له : قبّح الله ما جئتنا به ودعوتنا إليه ، جئتنا والله بمثل ما جاء به صاحباك طلحة والزبير ، أتيانا وقد بايعنا عليّا واجتمعنا له وكلمتنا واحدة ، ونحن على سبيل مستقيم ، فدعوانا إلى الفرقة وقاما فينا بزخرف القول ، حتّى ضربا بعضنا ببعض عدوانا وظلما ، فاقتتلنا على ذلك ، وايم الله ما سلمنا من عظيم وبال ذلك.
ونحن الآن مجتمعون على بيعة هذا العبد الصالح الذي قد أقال العثرة وعفا عن المسيء ، وأخذ بيعة غائبنا وشاهدنا ، أفتأمرنا الآن أن نختلع أسيافنا من أغمادها