وقدم البصرة فدخل على الأزد وفيهم زياد فدخل عليه وأخبره بما قال له الإمام وما ردّه عليه وما هو رأيه.
وكان الإمام عليهالسلام قد أرفقه أو عقّبه بكتاب إلى زياد ، فبينما هما في الكلام إذ دخل البريد بكتابه وفيه :
من عبد الله علي بن أبي طالب أمير المؤمنين إلى زياد بن عبيد ؛ سلام عليك ، أما بعد ، فإنّي قد بعثت أعين بن ضبيعة ليفرّق قومه عن ابن الحضرمي ، فإن فعل وبلغ من ذلك ما يظنّ به من تفريق تلك الأوباش فهو ما نحب ، وإن ترامت الأمور بالقوم إلى الشقاق والعصيان ، فانهض بمن أطاعك إلى من عصاك فجاهدهم ، فإن ظفرت فهو ما ظننت ، وإلّا فطاولهم وماطلهم فكأن كتائب المسلمين قد أظلّت عليك ؛ فقتل الله المفسدين الظالمين ونصر المؤمنين المحقّين ، والسلام.
فقرأه زياد ثمّ أقرأه ابن ضبيعة فقال : إني لأرجو أن نكفي هذا الأمر (العسكري) إن شاء الله.
ثمّ خرج من عنده إلى رحله ودعا إليه رجالا من قومه ثمّ خطبهم فقال لهم ـ بعد حمد الله والثناء عليه ـ :
يا قوم علام تقتلون أنفسكم وتهريقون دماءكم على الباطل مع السفهاء الأشرار؟! وإنّي ما جئتكم حتّى عبّأت لكم الجنود! فإن تنيبوا إلى الحقّ يقبل منكم ويكفّ عنكم ، وإن أبيتم فهو والله بواركم واستئصالكم!
فلمّا وافقوه قال لهم : فانهضوا الآن على بركة الله معي إلى ابن الحضرمي! ثمّ نهض بهم إلى ابن الحضرمي ، فخرجوا إليه معه فصافّوه وواقفهم يناشدهم ويقول لهم : يا قوم لا تنكثوا بيعتكم ، ولا تخالفوا إمامكم ، ولا تجعلوا على أنفسكم سبيلا ؛ فقد رأيتم وجرّبتم كيف صنع الله بكم عند نكثكم بيعتكم وخلافكم (في الجمل).
فأخذوا ينالون منه ويشتمونه حتّى انصرف عنهم.