وكان عمله قريبا من قرية نفّر على نهر نرسي من الفرات الأسفل ، وجاءه يهوديّ ذميّ سواديّ فأخبره : أنّه كان مع سواديّ آخر من دهاقين أسفل الفرات قرب قرية نفّر قد أسلم وصلّى يدعى : زادان فرّخ (فارسي) قد زار إخوانا له بناحية نفّر ، فمرّت بها خيل من قبل الكوفة متوجّهة نحو نفّر ، فأخذوهما وقالوا لهذا اليهودي : ما دينك؟ فقال : يهودي ، فقالوا فيما بينهم : خلّوا سبيله فلا سبيل لكم عليه ، وقالوا لزادان فرّخ : أكافر أنت أم مسلم؟ فقال : بل مسلم ، فقالوا له : فما قولك في عليّ بن أبي طالب؟ فقال لهم :
أقول : إنّه أمير المؤمنين ووصيّ رسول الله صلىاللهعليهوآله وسيّد البشر!
فقالوا له : كفرت يا عدوّ الله! وحملت عليه عصابة منهم فقطّعوه بسيوفهم!
فلمّا أخبر هذا اليهودي الذميّ قرظة بن كعب بذلك كتب به إلى الإمام يقول : لعبد الله علي أمير المؤمنين ، من قرظة بن كعب ، سلام عليك ، فإنّي أحمد إليك الله الذي لا إله إلّا هو ، أمّا بعد ، فإنّي اخبر أمير المؤمنين أنّ خيلا مرّت بنا من قبل الكوفة متوجّهة نحو نفّر (إلى أن قال) : وقد سألت عنهم فلم يخبرني أحد بشيء ، فيكتب إليّ أمير المؤمنين برأيه فيهم انتهي إليه ، والسلام.
فكتب إليه الإمام عليهالسلام : أمّا بعد ، فقد فهمت كتابك وما ذكرت من أمر العصابة التي مرّت بك فقتلت المرء المسلم وأمن عندهم المخالف الكافر. إنّ اولئك قوم استهواهم الشيطان فضلّوا ، وكانوا كالذين حسبوا أن لا تكون فتنة فعموا وصمّوا ، فأسمع بهم وأبصر يوم تخبر عن أحوالهم ، والزم عملك واقبل على خراجك ، فأنت كما ذكرت في طاعتك ونصحك ، والسلام.
وكتب إلى زياد بن خصفة التيمي البكري : أمّا بعد ، فقد كنت أمرتك أن تنزل دير أبي موسى حتّى يأتيك أمري ، ذلك أنّي لم أكن أعلم أين توجّه القوم. وقد بلغني أنهم أخذوا نحو قرية من قرى السواد يقال لها : نفّر ، فاتّبع آثارهم وسل عنهم ، فإنّهم قد قتلوا رجلا مسلما مصلّيا من أهل السواد ، فإذا أنت لحقتهم فارددهم إليّ ،