فقال الخرّيت : هو ما أقول لك. فقال زياد : ففيم قتلت ذلك الرجل المسلم؟ فقال الخرّيت : إنّما قتلته طائفة من أصحابي. فقال له زياد : فادفعهم إليّ. قال الخرّيت : ما إلى ذلك سبيل. فقال زياد : وهكذا تفعل؟ قال : هو ما سمعت.
فدعا زياد أصحابه ودعا الخرّيت أصحابه ، ثمّ تطاعنوا بالرماح حتّى تكسّرت ، ثمّ اضطربوا بالسيوف حتّى انحنت وكثر الجراح في الفريقين وصرع منهم خمسة وقتل من أصحاب زياد رجلان من الموالي : سويد مولى زياد وحامل رايته ، ورجل آخر من أبناء الفرس في العرب يدعى : واقد بن بكر ، وجرح زياد ، وقرب المساء فحال الليل بينهم فتنحّوا ومكثوا ساعة ثمّ مضوا على وجوههم نحو البصرة ثمّ الأهواز.
وأصبح زياد فوجدهم قد ذهبوا ، فمضى بأصحابه خلفهم حتّى بلغوا البصرة فبلغهم أنّهم ذهبوا إلى الأهواز ، ولحق بهم مائتان آخرون من الكوفة من قومهم.
فكتب زياد إلى الإمام ، أمّا بعد ، فإنّا لقينا عدوّ الله الناجي وأصحابه بالمذار ، فدعوناهم إلى الهدى والحقّ وكلمة السواء ، فتولّوا عن الحقّ وأخذتهم العزّة بالإثم ، وزيّن لهم الشيطان أعمالهم فصدّهم عن السبيل ، فقصدونا وصمدنا لهم فاقتتلنا قتالا شديدا ما بين قائم الظهيرة إلى أن دلكت الشمس ، واستشهد منّا رجلان صالحان ، واصيب منهم خمسة نفر ، وخلّوا المعركة وقد فشت فينا وفيهم الجراحات ، ثمّ إنّ القوم لمّا غشيهم الليل خرجوا تحته متنكرين إلى أرض الأهواز ، وقد بلغني أنّهم نزلوا جانبا منها. ونحن بالبصرة نداوي جراحنا وننتظر أمرك يرحمك الله ، والسلام. وحمل الكتاب إلى الإمام رسوله عبد الله بن وال ، وهو جريح.
وأمر الإمام عليهالسلام فقرئ الكتاب على الناس ، فقام إليه معقل بن قيس الرياحي التميمي فقال له :