فقاتلهم وهزمهم ، ثمّ قتل فيهم قتلا ذريعا حتّى تحصّن منه بقيّتهم ، فرجع عنهم إلى صنعاء (١). وكأنّه في أثناء ذلك هرب ابن عباس وسعيد.
فخرج إليه عمرو بن أراكة محاولا أن يمنع بسرا وجنوده من دخول البلد وقاتله (٢) ، فأخذه بسر وضرب عنقه (٣). ودخل صنعاء فقتل فيها قوما (٤).
ولمّا توجّه بسر نحو صنعاء تجمّع جمع من شيعة عثمان وأقبلوا إليه في صنعاء ، وتوجّه إليه وفد من مأرب ، فارتاب منهم أن يكونوا من شيعة أبي تراب عليهالسلام فاستعرضهم وأمر بقتلهم ، فلم ينج منهم إلّا واحد (٤)!
وقيل : إنّ ابني عبيد الله : سليمان وداود كانا مع أمّهما في مكة ، فلمّا بلغهم قدوم بسر إلى مكة خافوا وهربوا منها ، وخرج منها هذان وهما غلامان مع أهل مكة ، فأضلّوهما (كذا) عند بئر ميمون بن الحضرمي أخ العلاء الحضرمي ، وهجم عليهما بسر فأخذهما وذبحهما ، فكانت أمّهما ترثيهما شعرا :
ها من أحسّ بابنيّ الذين هما |
|
كالدرّتين تشظّى عنهما الصدف |
ها من أحسّ بابنيّ الذين هما |
|
سمعي وقلبي ، فقلبي اليوم مختطف |
ها من أحسّ بابنيّ الذين هما |
|
مخّ العظام ، فمخّي اليوم مزدهف |
نبئت بسرا ـ وما صدّقت ما زعموا |
|
من قتلهم ومن الإفك الذي اقترفوا |
أنحى على ودجي ابنيّ مرهفة |
|
مشحوذة ، وكذاك الإثم يقترف |
من دلّ والدة ثكلى مسلّبة |
|
على صبيّين ضلّا ، إذ مضى السلف (٦) |
__________________
(١) الغارات ٣ : ٦٣٠.
(٢) الغارات ٢ : ٦١٨ ـ ٦١٩.
(٣) الغارات ٢ : ٦٢١.
(٤) الغارات ٢ : ٦١٩.
(٤) الغارات ٢ : ٦١٩.
(٦) الغارات ٢ : ٦١١ ـ ٦١٣ ، وفي أنساب الأشراف ٢ : ٣٥٤ : وكان بسر غيّب الغلامين أيّاما طمعا في تسليم أبيهما نفسه ، فلمّا علم بهربه ذبحهما ذبحا!