فأخذ فداءه فقسّمه بين المسلمين (١) وإنّ هذا ولّاه عليّ على اليمن فهرب من بسر بن أبي أرطاة وترك ولده حتّى قتلوا! وصنع الآن هذا الذي صنع! فتنادى جمع من الناس : الحمد لله الذي أخرجه من بيننا!
وكتب معاوية إلى قيس بمثل ما كتب إلى عبيد الله ، فكتب قيس إليه : لا والله لا تلقاني أبدا إلّا وبيني وبينك الرمح! فكتب إليه معاوية :
«أما بعد ، فإنما أنت يهودي ابن يهودي (لأنه مدني!) تشقي نفسك وتقتلها فيما ليس لك ، فإن ظهر أحبّ الفريقين إليك (الحسن عليهالسلام ، فهو يدلّ على عدم التسليم له) نبذك وعزلك (يشير إلى عزل علي عليهالسلام له عن مصر) وإن ظهر أبغضهما إليك (معاوية) نكّل بك وقتلك (يهدّده) وقد كان أبوك (سعد بن عبادة) أوتر غير قوسه ورمى غير غرضه ، فأكثر الحزّ وأخطأ المفصل ، فخذله قومه (الخزرج) وأدركه يومه فمات بحوران طريدا غريبا! والسلام» كأنّه يعيّره به ويهدّده بمصيره ويبرّئ قاتليه!
فكتب إليه قيس بن سعد : «أما بعد ، فإنما أنت وثنيّ ابن وثنيّ ، من هذه الأوثان! دخلت في الإسلام كرها وأقمت عليه فرقا (خوفا) وخرجت منه طوعا ، ولم يجعل الله لك فيه نصيبا! لم يقدم إسلامك ، ولم يحدث نفاقك (فهو قديم) فلم تزل حربا لله ورسوله ، وحزبا من أحزاب المشركين! فأنت عدوّ الله ورسوله والمؤمنين من عباده!
وذكرت أبي ، ولعمري ما أوتر إلّا قوسه ولا رمى إلّا غرضه ، فشغب عليه من لا تشق غباره ولا تبلغ كعبه ، وكان أمرا مرغوبا عنه مزهودا فيه.
__________________
(١) هنا جاء ذكر عبد الله بن عباس بتهمة سرقة بيت مال البصرة ، ونحن لم نجد له مصداقا فما ذكرناه.