قيس بن سعد. فوصل كتاب ابن سعد هذا يخبره : أنّهم نازلوا معاوية بقرية يقال لها : اخنوخية بإزاء مسكن ، وأن معاوية أرسل إلى عبيد الله بن العباس يرغّبه في المصير إليه ، وضمن له ألف ألف (مليون) درهم ، يعجّل له منها النصف ، ويعطيه النصف الآخر عند دخوله الكوفة! فانسلّ عبيد الله بن العباس في خاصّته في الليل إلى معسكر معاوية ، وأصبح الناس وقد فقدوا أميرهم فصلّى هو بهم!
فازدادت بصيرة الحسن عليهالسلام بخذلان القوم له ... ولم يبق معه من يأمن غوائله إلّا خاصّة من شيعته وشيعة أبيه ... وهم جماعة لا تقوم لأجناد الشام (١).
وروى ابن الأعثم قال : فلما قرأ الحسن عليهالسلام الكتاب أرسل فدعا إليه وجوه من معه من عامة أصحابه وقال لهم : يا أهل العراق! ما أصنع بجماعتكم معي ، وهذا كتاب قيس بن سعد يخبرني بأن أهل الشرف منكم قد صاروا إلى معاوية! أما والله ما هذا بمنكر منكم ، لأنكم أنتم الذين أكرهتم أبي يوم صفّين على تحكيم الحكمين ، فلما أمضى الحكومة وقبل منكم اختلفتم عليه ، ثمّ دعاكم إلى قتال معاوية ثانية فتوانيتم عنه حتّى صار إلى ما صار إليه من كرامة الله إياه. ثمّ إنكم بايعتموني طائعين غير مكرهين ، فأخذت ببيعتكم وخرجت في وجهي هذا والله يعلم ما نويت فيه ، فكان منكم إليّ ما كان! فحسبي منكم لا تغرّوني (٢) في ديني ونفسي (٣) ثمّ لم يذكر أيّ ردّ ممّن حضر. هذا وحال الحسن عليهالسلام ليس بحسن بل هو جريح طريح.
__________________
(١) الإرشاد ٢ : ١٣.
(٢) الفتوح ٤ : ١٥٧.
(٣) أنساب الأشراف ٣ : ٤٢ مختصرا.