لعلّك تلقى زيادا في طريقك فتأخذه ، فلقيهم في أرّجان أو سوق الأهواز ، فكانت بينهم منازعة ، فقال زياد : قد أتاني أمان معاوية وهذا كتابه إليّ فأنا أريده. فقال ابن خازم : إن كنت تريده فلا سبيل عليك (١) وتركه.
وكان أخوه لأمّه أبو بكرة الثقفي منذ استشهد زيادا على زنا المغيرة بن شعبة في البصرة ، وحضر زياد مع الشهود عند عمر ولكنه لما رأى كراهة عمر لتلك الشهادة لم يتمّها ، فحدّ عمر أبا بكرة حدّ القذف ، كان أبو بكرة قد أقسم على نفسه أن لا يكلّم أخاه زيادا أبدا فكان مقاطعا له (٢) ، ولكنه لم يمنع أبو بكرة ابنه عبد الرحمن أن يلي أموال عمّه زياد بالبصرة فكان يتولّاها ، وبلغ ذلك إلى معاوية ، وكان يرى ابن عامر ضعيفا غير شديد ، فبعث معاوية إلى المغيرة بن شعبة أن يسير إلى البصرة فيعذّب عبد الرحمن ليسلّم إليهم أموال زياد ، فقدم المغيرة البصرة وأخذ عبد الرحمن فألقى على وجهه حريرة مبلّلة فكانت تلتزق بوجهه فتخنقه ويغشى عليه ، فعل ذلك ثلاث مرّات! ثمّ خلّاه وقال له : لئن كان أساء إليّ أبوك فلقد أحسن لي زياد! فاحتفظ بما أمرك به عمّك! وكتب إلى معاوية : إني لم اصب في يد عبد الرحمن شيئا يحلّ لي أخذه ، وعذّبته فلم أجد عنده شيئا! وبذلك حفظ لزياد منّته عليه (٣)!
واليوم أمر زياد ابن أخيه عبد الرحمن أن يتقدمه إلى معاوية فيخبره بقدوم زياد إليه ، ففعل. ثمّ قدم زياد الشام ، فسأله معاوية عمّا صار إليه من أموال فارس فأخبره فصدّقه (٤).
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ١٧٨ ـ ١٧٩.
(٢) شرح النهج للمعتزلي ١٦ : ١٨٨ عن الجاحظ.
(٣) تاريخ الطبري ٥ : ١٧٦ ـ ١٧٧ عن المدائني البصري.
(٤) الطبري ٥ : ١٧٨ عن المدائني.