فقال عمرو : أتخشى أن يربي قوله على قولنا أو يأتي باطله! على حقّنا!
فقال معاوية : فإن أبيتم إلّا ذلك فلا تمرضوا له في القول! واعلموا أنّهم أهل بيت لا يعيبهم العائب ولا يلصق بهم العار ، ولكن تقولون له : إن أباك كره خلافة الخلفاء من قبله وقتل عثمان! تقذفوه بحجره!
فبعث إليه معاوية رسوله فقال له : إن أمير المؤمنين يدعوك. فسأله : من عنده؟ فسمّاهم له فدعا عليهم وقال : «اللهم إني أعوذ بك من شرورهم ، وأدرأ بك في نحورهم ، واستعين بك عليهم ، فاكفنيهم كيف شئت وأنّى شئت ، بحول منك وقوة يا أرحم الراحمين» وقال لجارية لديه : يا جارية ابغيني ثيابي.
فلما دخل على معاوية أعظمه وأكرمه وأجلسه إلى جانبه ، ثمّ قال له : إنّ هؤلاء عصوني فبعثوا إليك!
فقال الحسن عليهالسلام : سبحان الله ، الدار دارك والإذن فيها إليك ، فإن كنت أجبتهم إلى ما أرادوا وما في أنفسهم ، فإنّي لأستحيي لك من الفحش! وإن كانوا غلبوك على رأيك فإنّي لأستحيي لك من الضعف! فأيّهما تقرّر وأيّهما تنكر؟! أما إنّي لو علمت بمكانهم جئت معي بمثلهم من بني عبد المطلب ، وما لي أن أكون مستوحشا منك ولا منهم إنّ وليّي الله وهو يتولّى الصّالحين (١).
فقال معاوية : يا هذا! إني كرهت أن أدعوك ولكن هؤلاء حملوني على ذلك! وإنما دعوناك لنقرّرك أن أباك قتل عثمان! وأنه قتل مظلوما! فاستمع منهم ثمّ أجبهم.
فبدأ عمرو بن العاص فذكر الله ورسوله فصلّى عليه ، ثمّ ذكر عليّا عليهالسلام فلم يترك شيئا يعيبه به إلّا قاله ، وقال : إنه كره خلافة أبي بكر وامتنع من بيعته
__________________
(١) مقتبس من الآية : ١٩٦ من الأعراف.