أمّا بعد يا معاوية ؛ فما هؤلاء شتموني ولكنّك شتمتني! فحشا ألفته وسوء رأي عرفت به! وخلقا سيّئا ثبتّ عليه وبغيا علينا! عداوة منك لمحمّد وأهله! فاسمعوا فلأقولنّ فيكم ما هو دون ما فيكم :
أنشدكم الله! أتعلمون أن الذي شتمتموه اليوم صلّى القبلتين كليهما وأنت ـ يا معاوية ـ كافر بهما ، تراها ضلالة ، وتعبد اللات والعزّى غواية!
وأنشدكم الله! هل تعلمون أنه بايع البيعتين : بيعة الرضوان وبيعة الفتح ، وأنت ـ يا معاوية ـ بإحداهما كافر (بالرضوان) وبالأخرى ناكث (بالفتح).
وأنشدكم الله! هل تعلمون أنه أول الناس إيمانا ، وأنت وأباك ـ يا معاوية ـ من المؤلّفة قلوبهم وتستمالون بالأموال فتظهرون الإسلام وتسترون الكفر!
وأنشدكم الله! ألستم تعلمون أنه كان صاحب راية رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم بدر ، وراية المشركين كانت مع معاوية وأبيه! ثمّ لقيكم يوم أحد ويوم الأحزاب ومعه راية رسول الله ومعك ومع أبيك راية الشرك! وفي كلّ ذلك يفتح الله له ويفلج حجّته وينصر دعوته ويصدّق حديثه ، ورسول الله صلىاللهعليهوآله عنه راض في كلّ تلك المواطن وعليك وعلى أبيك ساخط!
وأنشدك الله ـ يا معاوية ـ أتذكر يوما جاء أبوك على جمل أحمر وأنت تسوقه وأخوك عتبة هذا يقوده ، فرآكم رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : «اللهم العن الراكب والقائد والسائق»!
يا معاوية ، أتنسى لمّا همّ أبوك أن يسلم كتبت إليه شعرا تنهاه فيه عن ذلك فقلت :
يا صخر لا تسلمن يوما فتفضحنا |
|
بعد الذين ببدر أصبحوا فرقا |
خالي وعمّي ، وعمّ الأم ثالثهم |
|
وحنظل الخير! قد أهدى لنا الأرقا |
لا تركننّ إلى أمر تكلّفنا ـ |
|
والراقصات ـ به في مكة الخرقا |
فالموت أهون من قول العداة لقد |
|
حاد ابن حرب عن العزّى إذا فرقا |