فلما أخطأت ما رجوت خائبا جعلت حدّك على صاحبك عمارة بن الوليد فوشيت به إلى النجاشي لما ارتكب مع حليلتك! ففضحك الله وفضح صاحبك! ثمّ إنك تعلم وكل هذا الرهط يعلمون أنك هجوت رسول الله صلىاللهعليهوآله بسبعين بيتا من الشعر فقال رسول الله : «اللهم إني لا أقول الشعر ولا ينبغي لي ، اللهمّ العنه بكل حرف ألف لعنة» فعليك إذا من الله ما لا يحصى من اللعن!
وأما ما ذكرت من أمر عثمان ، فأنت سعّرت عليه الدنيا نارا (لما عزلك) ثمّ لحقت بفلسطين ، فلما أتاك قتله قلت : أنا أبو عبد الله إذا نكات قرحة أدميتها! ثمّ حبست نفسك على معاوية وبعت دينك بدنياه! فلسنا نلومك على بغض ولا نعاتبك على ودّ ، وبالله ما نصرت عثمان حيّا ولا غضبت له مقتولا! ثمّ قال له : فهذا جوابك ، هل سمعته! ثمّ التفت إلى المتكلم الثاني الوليد فقال له :
وأما أنت يا وليد ؛ فو الله ما ألومك على بغض عليّ عليهالسلام وقد جلدك ثمانين في الخمر ، وقتل أباك بين يدي رسول الله صبرا! وأنت الذي سمّاه الله «الفاسق» وسمّى عليّا «المؤمن» حيث تفاخرتما فقلت له : اسكت يا عليّ ، فأنا أشجع منك جنانا وأطول منك لسانا! فقال لك علي عليهالسلام : اسكت يا وليد فأنا مؤمن وأنت فاسق! فأنزل الله في موافقة قوله : (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ)(١).
ثمّ أنزل فيك على موافقة قوله أيضا : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)(٢).
ويحك يا وليد! مهما نسيت فلا تنس قول الشاعر (٣) فيك وفيه :
__________________
(١) السجدة : ١٨.
(٢) الحجرات : ٦.
(٣) نظم الشعر شاعر النبيّ حسان بن ثابت الأنصاري نظما لشأن نزول الآية السابقة ، ولم يسمّه الإمام عليهالسلام لعلّه لأن ابن ثابت لم يبق ثابتا على ما كان يقوله يومئذ إذ صار عثمانيا.