وكأنّ معاوية لم يترك سعدا بل حاول أن يسعد حظّا بمساعدة سعد له ، والتقى به في طوافه ، فاصطحبه معه إلى «دار الندوة» ولعلّه إحياء لمجد الجاهلية! وكان قد أعدّ فيه لنفسه سريرا ، فأجلس سعدا معه على سريره ثمّ شرع بالوقوع في عليّ عليهالسلام وسبّه! فزحف عنه سعد وقال له : أجلستني معك على سريرك ثمّ شرعت في سبّ علي! والله لئن يكون لي خصلة واحدة من خصال كانت لعليّ. فذلك أحبّ إليّ من أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس! أو حمر النعم! ثمّ ذكر حديث الراية في خيبر ، والمنزلة في تبوك ، والمباهلة في العاشرة ، ثمّ قال : فايم الله لا دخلت لك دارا ما بقيت! ثمّ نهض ليقوم فضرط له معاوية وقال له : اقعد حتّى تسمع جواب ما قلت : ما كنت عندي قط ألأم منك الآن ، فهلّا نصرته؟ ولم قعدت عن بيعته؟ وكرّر هنا دعواه : إني لو سمعت من النبي صلىاللهعليهوآله مثل الذي سمعت فيه لكنت خادما لعليّ ما عشت!
وأعرض سعد عن جواب هذا الخطاب ، ولكنّه ضربه في الصميم فقال له : والله إني لأحقّ منك بموضعك! وكان سعد من بني زهرة ولكنّه كان ينسب لبني عذرة! فقال له معاوية : يأبى عليك بنو عذرة (١).
وكان قد قدم معه من الشام بمنبر وضعه عند باب البيت الحرام فكان أوّل من وضعه (٢).
وكان قد حجّ معه عبد الله بن الزبير ومعه ابنه عبّاد ، فروى أحمد والطبراني عنه قال : لما قدمنا مكّة ظهرا صلّى بنا الظهر ركعتين ثمّ انصرف إلى دار الندوة فقام إليه عمرو بن عثمان مع مروان بن الحكم فقالا له : ألم تعلم أن ابن عمّك عثمان قد أتمّ الصلاة
__________________
(١) مروج الذهب ٣ : ١٤ ـ ١٥ عن الطبري والنوفلي.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٢٢.