وروى الخبر الزبير بن بكّار عن رجاله خبرا طويلا ذكر الأربلي موضع الحاجة منه وفيه : أنه أذن للناس إذنا عاما وأذن لابن عباس في آخرهم واستدناه ونعي إليه الحسن عليهالسلام وفي آخره : ثمّ قام وعينه تدمع.
وبعد انقضاء العزاء (؟) دخل عليه فقال له هذه المرة : يا أبا العباس ، أتدري ما حدث في أهلك؟ هلك أسامة بن زيد فعظم الله لك الأجر! قال : «إنا لله وإنا إليه راجعون» رحم الله أسامة ، وخرج.
وفي يوم الجمعة صلّى في الجامع واجتمع عليه الناس يسألونه عن الفقه والحلال والحرام ، والتفسير ، وأحوال الجاهلية والإسلام (التاريخ) وهو يجيب ، وبانت قلة من ذهب إلى معاوية فسأل فقيل له : إنهم شغلوا بابن عباس! ولو شاء قبل الليل أن يضربوا معه بمائة ألف سيف لفعل! فقال : نحن ظلمناه : نعينا إليه أهله ومنعناه حاجته وحبسناه عن أهله! انطلقوا إليه فادعوه! فأتاه حاجبه فدعاه ، فقال : نحن بنو عبد مناف إذا حضرت الصلاة لم نقم حتى نصلي ، فأصلي إن شاء الله وآتيه!
فصلّى العصر ثمّ ذهب إليه ، فأراد معاوية أن يعرّف أهل الشام بميل ابن عباس إلى الدنيا فقال له : أقسمت عليك لما دخلت بيت المال فأخذت حاجتك! فقال : إن ذلك ليس لي ولا لك! فإن أذنت أن أعطي كلّ ذي حقّ حقّه فعلت. فقال معاوية : أقسمت عليك إلّا دخلت فأخذت حاجتك. فدخل فرأى فيه برنس خزّ أحمر كان يقال إنه لأمير المؤمنين علي عليهالسلام فأخذه وخرج (ولعلّه بمعونة قائده) ثمّ قال لمعاوية :
يا أمير المؤمنين! بقيت لي حاجة! فقال : ما هي؟ قال : إنّك قد عرفت فضل عليّ بن أبي طالب وسابقته وقرابته ، وقد كفاكه الموت ، فأحبّ أن لا يشتم على منابركم! ولعلّه سمعه من خطيبه.