فقال لهم الإمام عليهالسلام : أهلا ومرحبا! هذا هو الفقه في الدين والعلم بالسنّة! من لم يرض بهذا فهو جائر خائن (١)!
وكان من الصحابة في الكوفة حنظلة بن الربيع التميمي الكاتب ، كتب للنبيّ صلىاللهعليهوآله مرّة فسمّي الكاتب ، وكان يكاتب معاوية من الكوفة ، فاجتمع هو وعبد الله بن المعتّم العبسي (الغطفاني) مع جمع كثير من غطفان وبني تميم فدخلوا على علي عليهالسلام ، فوقف التميميّ وقال :
يا أمير المؤمنين ؛ إنا رأينا رأيا فلا تردّه علينا ، ومشينا إليك بنصيحة فاقبلها منّا! فإنّا نظرنا لك ولمن معك! لا تعجل إلى قتال أهل الشام ؛ فإني ـ والله ـ ما أدري ولا تدري إذا التقيتم لمن تكون الغلبة وعلى من تكون الدّبرة! فأقم وكاتب هذا الرجل.
ثمّ قام ابن المعتّم فتكلّم بمثله. فحمد الإمام الله وأثنى عليه ثمّ قال لهم :
أما بعد ؛ فإن الله وارث العباد والبلاد ، وربّ السماوات السبع والأرضين السبع وإليه ترجعون ، يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممّن يشاء ويعزّ من يشاء ويذلّ من يشاء! أما الدّبرة فإنها على العاصين ظفروا أو ظفر بهم! وايم الله إني لأسمع كلام قوم ما أراهم يريدون أن يعرفوا معروفا ولا ينكروا منكرا!
وكان مالك بن حبيب التميمي اليربوعي صاحب شرطة الإمام حاضرا فقال له :
يا أمير المؤمنين ؛ لقد بلغني أن حنظلة هذا يكاتب معاوية! فادفعه إلينا نحبسه حتّى تنقضي غزاتك وتنصرف؟!
فأخذا يقولان : هذا جزاء من نظر لكم وأشار عليكم بالرأي فيما بينكم وبين عدوّكم!
__________________
(١) وقعة صفين : ١١٥ ، فهذه هي البوادر الأولى لنشأة الخوارج عليه فيما بعد.