وكأنّ مسح الرأس في الوضوء على عهد الخلفاء السابقين كان قد تحرّف إلى غسل الرأس ، ورأى الجنود الإمام عليهالسلام إنما يمسح رأسه مسحة واحدة ، فتقدّم إليه أحدهم وسأله عن وضوء رسول الله صلىاللهعليهوآله؟ فدعا بقدر من حجر فيه ماء إلى نصفه ثم نادى : من السائل عن وضوء رسول الله صلىاللهعليهوآله فتقدم إليه الرجل ، فتوضأ علي عليهالسلام وإنما مسح برأسه واحدة ثمّ قال تأكيدا : هكذا رأيت رسول الله يتوضّأ (١).
ثمّ أمر الحارث الأعور الهمداني أن ينادي في أهل المدائن : من كان من المقاتلة فليواف أمير المؤمنين لصلاة العصر ، فوافوا فيها ، فخطبهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال لهم :
أما بعد ، فإني قد تعجّبت من تخلّفكم عن دعوتكم ، وانقطاعكم عن مصركم في هذه المساكن الظالم أهلها ، والهالك أكثر سكّانها ، لا معروفا تأمرون به ولا منكرا تنهون عنه!
فقالوا : يا أمير المؤمنين ؛ إنّا كنّا ننتظر رأيك وأمرك فمرنا بما أحببت.
فأقام فيهم عديّ بن حاتم الطائي لثلاثة أيام ، وسار هو عليهالسلام ، فأقام عديّ ومعه ابنه يزيد ثمّ خرج عديّ في ثمانمائة منهم ، وخلّف فيهم ابنه يزيد فلحقه في أربعمائة منهم (٢).
فبعث الإمام عليهالسلام من المدائن معقل بن قيس الرياحي التميمي في ثلاثة آلاف رجل وقال له : خذ على الحديثة (٣) ثمّ نصيبين ثمّ الرقة فتلقاني بها ، وسكّن الناس
__________________
(١) وقعة صفين : ١٤٦ وفيه : أنه توضّأ ثلاثا ثلاثا. وهذا على خلاف مذهبهم عليهمالسلام ولذا جعله العلّامة الشوشتري شارة على ردّ تشيع ابن مزاحم ، كما في قاموس الرجال ١٠ : ٣٦٠ برقم ٧٩٦٦.
(٢) وقعة صفين : ١٤٣.
(٣) جاء في الخبر : أن الحديثة كانت إذ ذاك منزل الناس ، وأما الموصل فقد بناها محمد بن مروان الأموي بعد ذلك ، ومع ذلك ذكر في الخبر : خذ على الموصل ، مسامحة.