فذهب صعصعة إلى معاوية وأبلغه الرسالة.
فالتفت معاوية إلى أصحابه وقال لهم : ما ترون؟
فقال الوليد بن عقبة : امنعهم الماء كما منعوه ابن عفّان ، حصروه أربعين يوما يمنعونه برد الماء ولين الطعام! اقتلهم عطشا! قتلهم الله!
فقال ابن العاص : خلّ بين القوم وبين الماء ، فإنهم لن يعطشوا وأنت ريّان ، ولكن لغير الماء فانظر فيما بينك وبينهم.
وقال عبد الله بن سعد بن أبي سرح (١) : امنعهم الماء إلى الليل ، فإنهم إن لم يقدروا عليه رجعوا ، وكان رجوعهم هزيمتهم! امنعهم الماء منعهم الله يوم القيامة!
فقال له صعصعة : إنما يمنعه الله يوم القيامة الكفرة الفجرة شربة الخمر ، ضربك وضرب هذا الفاسق. وأشار إلى الوليد.
فتواثبوا إليه يشتمونه ويتهدّدونه. فقال معاوية : كفّوا عن الرجل فإنه رسول.
فقال له صعصعة : فما تردّ عليّ؟ قال : سيأتيكم رأيي!
ثم أرسل إلى أبي الأعور : امنعهم الماء (٢). وخرج وقال لأهل الشام : يا أهل الشام ، هذا والله أول الظّفر ؛ لا سقاني الله ولا سقى أبا سفيان إن شربوا منه أبدا! حتّى يقتلوا عليه بأجمعهم! ففرحوا وتباشروا.
وكان هناك رجل ناسك من همدان وكان له لسان يدعى المعرّى بن الأقبل ، وكانت له صداقة قديمة مع عمرو بن العاص ، ولعله علم برأيه ، فقام إلى معاوية وقال له :
__________________
(١) غابت أخباره بعد مقتل عثمان ، وهذا أول ذكر له هنا عند معاوية ، وهو الأخ الرضاعي لعثمان.
(٢) وقعة صفين : ١٦٠ ـ ١٦٢.