ثم استقصار النفس في الطاعة : في قوله : (وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ) (٢١).
ثم النزاهة : في قوله عز وجل : (ما كانَ إِبْراهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرانِيًّا وَلكِنْ كانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (٢٢).
ثم الجمع لأشراط الطاعات (٢٣) : في قوله : (إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (٢٤) فقد جمع في قوله : (مَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) جميع أشراط الطاعات كلها حتى لا تعزب (٢٥) عنها عازبة ، ولا تغيب عن معانيها غائبة.
ثم استجابة الله دعوته : حين قال : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) (٢٦) وهذه الآية متشابهة ، ومعناها أنه سأل عن الكيفية ، والكيفية من فعل الله عز وجل ، متى لم يعلمها العالم لم يلحقه عيب ، ولا عرض له في توحيده نقص. فقال الله عز وجل : (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى) (٢٧) هذا شرط عام لمن آمن به ، متى سئل واحد منهم : أو لم تؤمن؟ وجب أن يقول : بلى ، كما قال إبراهيم ، ولما قال الله عز وجل لجميع أرواح بني آدم : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) (٢٨) كان أول من قال : بلى ، محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فصار بسبقه إلى بلى سيد الأولين والآخرين ، وأفضل النبيين والمرسلين ، فمن لم يجب عن هذه المسألة بجواب إبراهيم عليهالسلام فقد رغب عن ملته ، قال الله عز وجل : (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلاَّ مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ) (٢٩).
ثم اصطفاء الله عز وجل إياه في الدنيا ، ثم شهادته له في العاقبة أنه من الصالحين : في قوله عز وجل : (وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) (٣٠) والصالحون هم النبي والأئمة (صلوات الله عليهم) ، الآخذون عن الله أمره ونهيه ، الملتمسون للصلاح من عنده ، والمجتنبون للرأي والقياس في دينه ، في قوله عز وجل : (إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٣١).
ثم اقتداء من بعده من الأنبياء عليهمالسلام به : في قوله : (وَوَصَّى بِها إِبْراهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يا بَنِيَّ إِنَّ اللهَ
__________________
(٢١) الشعراء ٢٦ : ٨٧.
(٢٢) آل عمران ٣ : ٦٧.
(٢٣) في المصدر : الكلمات.
(٢٤) الأنعام ٦ لا ١٦٢ و ١٦٣.
(٢٥) عزب عني فلان يعزب ويعزب : أي بعد وغبا. «الصحاح ـ عزب ـ ١ : ١٨١».
(٢٦) البقرة ٢ : ٢٦٠.
(٢٧) البقرة ٢ : ٢٦٠.
(٢٨) الأعراف ٧ : ١٧٢.
(٢٩) البقرة ٢ : ١٣٠.
(٣٠) البقرة ٢ : ١٣٠.
(٣١) البقرة ٢ : ١٣١.