الله عز وجل : (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ) (١٤٩) فقالوا : في الخلق خالقون غير الله ، فلم يعرفوا معنى الخلق ، وعلى كم وجه هو.
فسئل الصادق عليهالسلام أفوض الله إلى العباد أمرا؟ فقال : «الله أجل وأعظم من ذلك».
فقيل : فأجبرهم على ذلك؟ فقال : «الله أعدل من أن يجبرهم على فعل ، ثم يعذبهم عليه».
فقيل له : فهل بين هاتين المنزلتين منزلة؟ فقال : «نعم». [فقيل : ما هي؟ فقال : «سر من أسرار] ما بين السماء والأرض».
وفي حديث آخر ، قال : وسئل هل بين الجبر والقدر منزلة؟ قال : «نعم». فقيل : ما هي؟ فقال : «سر من أسرار الله».
وفي حديث آخر ، أنه قال : «هكذا خرج إلينا».
قال : وحدثني محمد بن عيسى بن عبيد ، عن يونس ، قال : قال الرضا عليهالسلام : «يا يونس ، لا تقل بقول القدرية ، فإن القدرية لا يقولون بقول أهل الجنة ، ولا بقول أهل النار ، ولا بقول إبليس ؛ فإن أهل الجنة قالوا : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ) ١٥٠) ولم يقولوا بقول أهل النار ، فإن أهل النار يقولون : (رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا) (١٥١) وقال إبليس : (رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي)». (١٥٢) فقلت : يا سيدي ، والله ما أقول بقولهم ولكن أقول : [لا يكون] إلا ما شاء الله وقضى وقدر.
فقال : «ليس هكذا ـ يا يونس ـ ولكن لا يكون إلا ما شاء الله وأراد وقدر وقضى ، أتدري ما المشيئة ، يا يونس؟» قلت : لا. قال : «هي الذكر الأول ، وتدري ما الإرادة؟». قلت : لا. قال : «العزيمة على ما شاء الله ، وتدري ما التقدير؟». قلت : لا. قال : «هو وضع الحدود من الآجال ، والأرزاق ، والبقاء ، والفناء ، وتدري ما القضاء؟». قلت : لا.
قال : «هو إقامة العين ، ولا يكون إلا ما شاء الله في الذكر الأول».
وأما الرد على من أنكر الرجعة ، فقوله : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً). (١٥٣)
قال : وحدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن حماد ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : «ما يقول الناس في هذه الآية : (وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً)؟». قلت : يقولون : إنها في القيامة.
قال : «ليس كما يقولون ، إن ذلك في الرجعة ، أيحشر الله في القيامة من كل أمة فوجا ويدع الباقين؟! إنما آية يوم القيامة قوله : (وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً)». (١٥٤)
__________________
(١٤٩) المؤمنون ٢٣ : ١٤.
(١٥٠) الأعراف ٧ : ٤٣.
(١٥١) المؤمنون ٢٣ : ١٠٦.
(١٥٢) الحجر ١٥ : ٣٩.
(١٥٣) النّمل ٢٧ : ٨٣.
(١٥٤) الكهف ١٨ : ٤٧.