أنفسهم ولا على شيعتهم الذين يؤدّون إليهم حقوقهم فأباحوه لهم ؛ كي لا يقيموا على حرام ، ويطيب مأكلهم ومشربهم ومولدهم.
ومن هنا يظهر قصور تلك الأخبار في حدّ ذاتها عن إفادة إباحته على الإطلاق حتى بالنسبة إلى مثل هذه الأعصار التي لا مانع عن إيصاله إلى مستحقّيه ، ولا مقتضي لإخفاء أمره كما لا يخفى ، بل بعضها ظاهر في إرادة العفو عنه في خصوص تلك الأزمنة لبعض العوارض المقتضية له وراء الجهة المزبورة ، كقوله ـ عليهالسلام ـ في خبر يونس : «ما أنصفناكم إن كلّفناكم ذلك اليوم» (١).
والحاصل : أنّ من تدبّر في تلك الأخبار ، والتفت إلى العوارض المقتضية للعفو عن الخمس ، الموجودة في عصر صدورها لرأي قصور أغلبها عن إفادة الإباحة المطلقة.
نعم بعضها ـ كرواية أبي خديجة (٢) ـ نصّ في ذلك ، ولكن لا عموم لها من حيث المورد ، بل هي واردة في المناكح والمتاجر والمواريث والعطايا ، وستعرف استثناء هذه الأمور عمّا يجب فيه الخمس ، كما أنّ جملة من الأخبار الواردة في تحليل أمّهات الأولاد أيضا ظاهرة في ذلك ، وهو ممّا نلتزم به ، كما ستعرف.
ثمّ لو سلّم ظهور الأخبار في العفو عن مطلق الخمس أو خصوص الأرباح مطلقا ، لوجب رفع اليد عنه بالأخبار المتقدّمة الصادرة عن
__________________
(١) التهذيب ٤ : ١٣٨ / ٣٨٩ ، الاستبصار ٢ : ٥٩ / ١٩٤ ، الفقيه ٢ : ٢٣ / ٨٧ ، الوسائل : الباب ٤ من أبواب الأنفال ، الحديث ٦.
(٢) التهذيب ٤ : ١٣٧ / ٣٨٤ ، الإستبصار ٢ : ٥٨ / ١٨٩ ، الوسائل : الباب ٤ من أبواب الأنفال ، الحديث ٤.